-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حضارة البلاستيك..!

الشروق أونلاين
  • 3659
  • 2
حضارة البلاستيك..!

عاد مؤخرا المجتمعون في كوبنهاغن كما ذهبوا، والتشاؤم يلبسهم حول مصير الأرض والإنسان الذي قرر أن يواصل رحلة الانتحار مع سبق الإصرار والترصد التي يمارسها في حق نفسه من أجل مآرب صناعية لن تمنحه سوى الدمار..

  • ولا أحد عندنا بدا منشغلا بما يحدث حوله رغم أن كل التقارير العلمية من كل الأقطار بما في ذلك الولايات المتحدة تؤكد أن الأمور بلغت اللاعودة واللاأمل في حياة مطمئنة في المستقبل القريب الذي بدأنا نعيش بعض »أنفاسه« بارتفاع درجة الحرارة التي شابهت فصل الاصطياف عندنا في عز ديسمبر.. ولن يتهمنا أحد بممارسة جلد الذات إذا اعترفنا بأننا بلد لا نولي الطبيعة أي اهتمام، ومجتمع يشجّع حضارة البلاستيك، وما يدخلنا من شرق آسيا من النباتات البلاستيكية التي تزيّن حاليا حتى مديريات البيئة عندنا هو أكثر من الغطاء الغابي الذي تطوله النيران وأيدي الحطابين وأعداء الطبيعة الكثيرون جدا في الجزائر.
  •  
  • الممارسات اللاطبيعية التي تتورط فيها القمة مع القاعدة عندنا جعلت من موضوع الأخضر آخر الاهتمامات، وجعلتنا مطالبين باحتضان ملتقى »كوبنهاغن« على أراضينا رغم أننا غير معنيين بالتصنيع وانبعاث الغازات، أي أننا نرتكب الجرائم في حق الطبيعة دون أي سبب، عكس الدول الغربية والصين التي ترتكب جرائمها بحجة التصنيع والمحافظة على مرتبتها الاقتصادية المتطورة.
  •  
  • التعامل السلبي مع الطبيعة عندنا جعل من الجزائر واحدة من البلدان القليلة التي ينقرض فيها النبات والغطاء الغابي ويجف الماء بسرعة رهيبة، وتزحف الصحراء شمالا دون التمكن من استغلال ملايير المحروقات في زرع الجنان في الساحل حتى لا نقول في الصحاري، كما تفعل الدول الخليجية التي قضت على الصحراء نهائيا في دبي وأبو ظبي والمنامة والرياض وجدة والكويت والدوحة، بينما تعاني مدن جزائرية كانت تلتهم منذ نصف قرن فقط الثلوج الشتوية التي تحبس الناس في مساكنهم من خطر تحوّلها إلى صحراء.. كل المشاريع الجزائرية الحالية هي أمنيات لزعماء سابقين وأفكار قديمة من الطريق السيار إلى السدود الضخمة وتحلية مياه البحر تم بعثها الآن وقد ترى النور في أقرب الآجال، ولسنا ندري لماذا لا يفكرالمسؤولون الآن في استعادة مشروع السد الأخضر الذي تمنى تحقيقه الراحل هواري بومدين لمنع »الموت« من الزحف على الحياة..!؟ وهذا في ذكرى رحيل صاحب »السد الأخضر« حتى نخرج مشروعا حيا من مذكرات رجل ميت.
  •  
  • قد نكون البلد الوحيد في العالم الذي ملاعب الكرة عنده من البساط الاصطناعي الأخضر بدل العشب الطبيعي المغروس في ملاعب العالم، بما في ذلك بلدان التصحر والمجاعة مثل إثيوبيا والصومال، رغم أننا على مشارف المشاركة في كأس العالم في كرة القدم التي تمارسها البشرية على النباتات الخضراء وليس الزرابي البلاستيكية المستوردة، وقد نكون البلد الوحيد الذي لا تزدهر فيه السياحة الجبلية والربيعية التي تجني منها سوريا ولبنان واليونان ومالطا الملايير من الدولارات رغم أن ما نملكه من جنان في الونشريش والأوراس وجرجرة يفوق ما تملكه تلك الدول مجتمعة، وقد نكون الشعب الوحيد الذي يخرج فيه الشباب إلى الشارع لأجل سند ظهره على الحائط الإسمنتي بدل التمتع بالطبيعة، وقد نكون البلد الوحيد الذي تبيع فيه أكشاك الورد النباتات البلاستيكية دون أن تجد من يردعها رغم أن السجل التجاري الذي ورثناه عن العهد الاستعماري يركز على بيع النباتات الطبيعية فقط، ومازال سائدا لحد الآن. نحن فعلا في حاجة إلى مصالحة مع الطبيعة، ويكفي أن نتذكر ما حدث منذ بضع سنوات عندما قدّم مدير ثقافة بعاصمة الجزائر وردة بلاستيكية للفنانة ماجدة الرومي في عز الربيع المزهر بعاصمتنا وأزهار بلاستيكية من مسؤولين بجامعة ڤالمة لمحامي الثورة جاك فرجاس في مشاركة سابقة في ذكرى 8 ماي الذي هو شهر انفجار طبيعة ڤالمة بالورد، لنعرف أن المشكلة ليست تصحر الأرض وإنما في تصحر القلوب التي في الصدور.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ADD

    حماية البيئة كلمة لا مكان لها من الإعراب في الجزائر ، إلا عند القليلة القلة من الأفراد من أصحاب الوعي الحضاري ، الذين يدركون جيدا أن ما ترميه يدك في الطبيعة جهلا أو تكاسلا أو من غير وعي ، سوف يعود إليك لا محالة من جديد وفق المبدأ المعروف: بضاعتكم ردت إليكم ،لقد كان جاري يسخر مني عندما أحدثه عن أهمية البيئة ووجوب حمايتها والعناء بها، وأنها تبدأ بتصرفات بسيطة في متناول الجميع ، كعدم رمي أكياس البلاستك في الطبيعة مثلا لأن كيس البلاستيك الواحد يلزمه أكثر من 300 سنة حتي يتحلل في الأرض، ولكنه كان يجيبني بمبدأ (تخطى راسي) ، وهذا هو حال 99.99 % من المجتمع الجزائري ، إلي أن جاء يوم عيد الأضحى، فعندما ذبح جاري كبشه وجد بمعدته كُبة من البلاستيك علي شكل كرة ، بلغ وزنها حوالي 2 كيلوغرام، وعندما أخبرني بالحادثة أجبته بابتسامة: بضاعتكم رُدت إليكم ....
    في مدينة واد سوف يعاني السكان من مشكلة إرتفاع المياه منذ عشرات السنيين ، وهي للأسف كارثة طبيعية ترتبت من اللاوعي بمشكلة البيئة ، لأن هذه المياة عافاكم ، هي مياه الصرف الصحي التي جرت ومازالت في رمال مدينة واد وف ونواحيها من غير أدني مراقبة ولا أي تطهير يذكر ، إلي أن لوثت طبقة المياه الجوفية ، مع أن الحل بسيط جدا ، إنشاء محطات إعادة معالجة مياه الصرف الصحي ،وإلا فإن المدينة ستتجه نحو الكارثة البيئية ؛ولا تخرج باقي مدن الجزائر عن هذه الكارثة ، لأن محطات تصفية مياه الصرف الصحي في بلادي تُعد علي الأصابع لقلتها وعدم فعّاليتها، ورُبما لا يُصدقني أحد إذا أخبرتكم أن دولة سويسرا تعيد تصفية حتي مياه الأمطار المتساقطة بشوارع مدنها ، قبل أن تطلقها في الطبيعة من جديد ، فشتان شتان بيننا وبينهم.......
    من منا لم يتقزز لمشهد قنوات الصرف الصحي وهي تصب بالقرب من شواطئ جميع مدننا الساحلية بدون استثناء ، ولعلكم نسيتم مرض احمرار العينين الذي فتك بالمصطافين في سنة 2003 بسبب تلوث شواطئنا ، أضف إلي ذلك كل ما ترميه مصانع سكيكدة وعنابة وغيرها من الأقطاب الصناعية المنتشرة علي طوال شواطئنا ، أضف إلي ذلك أن مياهنا الإقليمية صارت مزبلة عمومية لتفريغ زيوت بواخر من هب ودب ، بعد أن صعب عليها ذلك عند جيراننا لأن شواطئهم هي راس مالهم ، ولذلك فهي أنظف من شواطئنا بكثير ...
    مصانع إنتاج الإسمنت أصبحت تشكل خطرا حقيقي علي حياة الإنسان والحيوان وحتي النبات ، ذلك لأن الحيوانات التي تحكمنا لم تفكر في وضع مصفاة فعّالة لاحتجاز جزيئات غبار الإسمنت فوق مداخنها ، والنتيجة أن سهولنا الخصبة سوف تتحول إلي بساط إسمنتي عقيم لا ينتج شيئ....
    قبل سنوات وبالتدقيق في مدينة بوشقوف ، قامت الحيوانات التي تحكمنا ببناء مصنع للخميرة ، إلي هذا الحد الخبر جيد ، ولكن المشكل أن هذا المصنع لم يكن مزود بأي آليات لتصفية كمية المياه الكثيرة والخطيرة التي كانت تُرمي هكذا في واد سيبوس، ذلك لأنها محملة بسموم كيميائية حقيقة ، والنتيجة أن الحياة انعدمت بهذا الواد ، فلم تعد به أسماك بعد أن كان مدر رزق لكثير من الصيادين ، والمشكل الأخر أن سهول عنابة كلها تشرب من هذا الواد الذي يصب في خليج هذه المدينة ...
    ولا أريد أن أتحدث عن إنعدام مصانع حرق النفايات عبر كامل التراب الجزائري ، لأن هذا الاستشراف لم يصل بعد إلي عقول الحيوانات التي تحكمنا ، فهم ما زالوا لم يتجاوزوا خطوة دفن النفايات ، وليتهم حقيقة فعلوا ، لأن كل مراكز التفريغ العمومي في الجزائر هي عبارة عن فضاء مفتوح تتكدس فيه جميع أنواع النفايات حتي الطبية منها أوالكميائية المسمومة ،ناهيك عن البلاستيكية ، والنتيجة أنه مع أول عاصفة ريح تعود تلك النفايات من حيث أتت ، وكأنها بدورها تقول لنا:بضاعتكم رُدت إليكم ....

  • زوراء جزائرية

    لا فض فوك أخي عبد الناصر. والله هذا ما نحتاج إليه، وإلا كيف يتسنى لي كمعلمة أن أقنع تلاميذي بالمحافظة على الطبيعة وهم يرون حولهم نباتات بلاستيكية، لا نجدها حتى في البلدان المصنعة...