-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دماء المصريين تُهدر بين “البلطجية”

حسين لقرع
  • 68
  • 0
دماء المصريين تُهدر بين “البلطجية”

في أعقاب مجزرة “المنصة” التي أودت بحياة أكثر من 130 متظاهر سلمي من جماعة الإخوان المسلمين فجر السبت، ظهر وزيرُ الداخلية المصري ليحمّل الجماعة مسؤولية هذه المجزرة لأنها أرسلت أنصارها لقطع طريق جسر أكتوبر، وبرّأ ساحة شرطته منها، ولم يشعر بأي حرج وهو يردد أمام كاميرات العالم كله أن “الشرطة المصرية لم تطلق رصاصة واحدة على المصريين في تاريخها”؟

   ووفقاً لمنطق وزير الداخلية، فإن جهة أخرى غير الشرطة هي التي أطلقت النار على المتظاهرين السلميين، وقتلت وجرحت عددا كبيرا منهم، وهي الجهة نفسها التي قتلت 865 متظاهر أثناء ثورة 25 يناير، ومئاتِ المتظاهرين المنادين بسقوط حكم العكسر في عهد الطنطاوي، وهي التي تقمع الآن مظاهرات الإخوان في شتى المدن المصرية، ولا علاقة للشرطة المصرية بكل ذلك، مع أن كاميرات التلفزيون أظهرت في أكثر من مناسبة الشرطة وهي تطلق النار على المتظاهرين، وتدهسهم بسياراتها.

    وحتى إذا سايرنا وزير الداخلية وفرضنا جدلاً أن الشرطة المصرية “طيِّبة” و”بريئة” من دماء المتظاهرين، وأن “البلطجية” هم الذين يقتلون وليس الشرطة، فإن الأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح هي: من هم هؤلاء “البلطجية”؟ ومن يقف وراءهم ويسلِّحهم ويمكّنهم من توجيه نيران أسلحتهم إلى صدور المتظاهرين العزل في كل مرة مع الإفلات من أيّ متابعة أو عقاب؟ لماذا لم يُعتقل أي منهم طيلة عامين ونصف عام من عمر الثورة مع كثرة جرائمهم؟ ولماذا يوجِّه هؤلاء أسلحتهم إلى متظاهري الإخوان فقط ولا يوجِّهونها إلى متظاهري التحرير المؤيدين للانقلاب؟ وكيف يقدمون على محاصرة مئات المصلين في مسجد ببور سعيد ليلة كاملة وترهيب النساء والأطفال، ولا تتدخل الشرطة لردعهم وهي على مقربة منهم؟

   لقد اتضح جليا أن الفلول الذين شكلوا، منذ 3 جويلية الجاري، نظاما فرعونيا جديدا يحكم مصر بقوة الحديد والنار، هم الذين يقتلون كل من يقف في طريق عودتهم، مرة عن طريق الجيش ومرة ثانية بواسطة الشرطة وثالثة بـ”البلطجية” المأجورين أو الأمن السري بلباس مدني.. ومع ذلك كله يتحدثون عن “إرهاب أسود” يواجهونه على يد الإخوان بمظاهراتهم واعتصاماتهم السلمية.

   لأول مرة في التاريخ يطلب انقلابيٌ اغتصب الحكمَ بالقوة تفويضاً من بعض الشعب لاستباحة دم البعض الآخر وقمعه، ثم يبدأ بعد ساعات من “التفويض” المزعوم، بارتكاب مجرزة مروِّعة يذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى، وتُسجل المذبحة ضد “بلطجية” مجهولين لهدر دماء المصريين بينهم، فلا يجد أتباعُ الشر والطغيان من “البلطجية الإعلاميين” في فضائيات التحريض والفتنة، أي حرج في تبرير جرائم كهذه، وتحميل الإخوان مسؤوليتها واتهامهم بكل تبجّح وصلف، بـ”الاستثمار في دماء قتلاهم لتحقيق مكاسب سياسية؟” بل إنهم يحرّضون الانقلابيين على ارتكاب المزيد من المجازر وسفك الدماء، من خلال المطالبة بالإسراع بفض اعتصاميْ ميداني “رابعة العدوية” و”النهضة” بالقوة، مستشهدين بمثاليْ فض الشرطة الأمريكية اعتصام “وول ستريت” بالقوة منذ نحو ثلاث سنوات، وقيام الشرطة التركية بقمع اعتصام ساحة “تقسيم” منذ أسابيع، ولكن ما تغافل عنه هؤلاء أن عدد الضحايا في “وول ستريت” و”تقسيم” يُعدّون على أصابع اليدين في حين يُعدّون بالمئات إلى حد الساعة في مصر.

 

   ما يحدث في بلد الكنانة منذ أكثر من شهر من ظلم وطغيان وبغي وسفك للدماء وقلب للحقائق على يد شِرار الخلق، يشيب لهوله الوِلدان ويقف أمامه الحليمُ حيران، وكان الله في عون هذا الشعب المقهور الذي يواجه أعتى حكم فرعوني تعرفه مصر منذ 7 آلاف عام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!