-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ديكور خارجي

الشروق أونلاين
  • 1449
  • 0
ديكور خارجي

عبد الناصر

نختلف على أشياء كثيرة ولكننا نتفق على أننا نمتلك شبه مدن أو خليطا مابين البداوة والحضر، ونتفق أيضا على أن مانسميه مجازا مُدناً فقدت عذريتها الحضارية منذ سنوات بفعل أعمال هتك العرض والاغتصاب البيئي والاقتصادي والتنموي والاجتماعي الذي تعرضت له من المسؤولين والمواطنين وجعلت من عملية ترقيع غشاء بكارتها ضربا من المستحيل.وللأسف، فإن هذه الممارسات غير “قانونية” مازالت تمارس في عالم أصغر من بيت العنكبوت. عودة رئيس الجمهورية إلى زياراته الميدانية التي بدأها بالحواضر الكبرى وجعلت مدنا كثيرة تتبرّج للموعد شرقا وغربا، أبانت أننا مازلنا نعيش زمن الحزب الواحد والرأي الواحد، حيث يتم هذه الأيام في ولايات متعددة تبليط ماهو مبلّط، وتعبيد ماهو معبّد وغرس النخيل على شاطئ البحر والصنوبر البحري في أعماق الفيافي، الكل في صراع “غير تنموي” لأجل إخفاء البقع السوداء برغم كثرتها ومحاولة إبراز بقع ناصعة حتى ولو باستخراجها من الأرشيف، حتى وجدنا رئيس الجمهورية يدشن أحيانا مؤسسات جامعية طلبتها على حافة تحصيل شهاداتهم.

المشكلة أن مثل هذه الممارسات تنتقل من القمة إلى القاعدة بطريقة سلسلة، فالمدير الصغير يخفي عيوبه عن المدير العام ورئيس البلدية يخفي عيوب أفعاله عن والي الولاية، ومختلف الوزارات تحاول الظهور بما هو غير موجود فيها، والنتيجة أن ميزانية التحضير لبعض الزيارات باقتناء حاويات “الماكياج” لتجميل الوجه تكاد تفوق ميزانيات المشاريع التي همّ الرئيس لوضع حجر أساسها أو تدشينها.

يحدث هذا دائما أمام مرأى مواطنين مغلوبين على أمرهم يتابعون عمليات وضع العدسات اللاصقة عن أعين مدنهم ومكيجة وجهها الشاحب، فيلجأ البعض منهم إلى ممارسات قطع الطرقات للمطالبة بإصلاحها أو غلق البلدية لمقابلة رئيس البلدية أو رئيس الدائرة، والغريب أن هاته الممارسات في غالب الأحيان تمنحهم مطالبهم من دون نقصان، حيث أصبحت القاعدة أن المسؤولين لا يلتفتون لانشغالات المواطنين إلا إذا قرعت أجراس الشغب على مسامعهم أو إذا سمع صهيل فرسان الرئاسة، حتى أن بعض المشاريع تحمل عدة أشهر بنمو سلحفاتي للجنين، وتدخل حالة المخاض والولادة القيصرية السريعة مباشرة بعد أن تعلم بقدوم الرئيس.

هل يُصلِح العطار ما أفسدته سنوات التشويه، وهل يكفي أحمر الشفاه لإعلان مدننا ملكات للجمال؟ بعض المسؤولين يعتبرون ذلك كرما حاتميا، ولكن المشكلة أن حاتم الطائي ذبح لضيوفه فرسه بينما أخطأ المسؤولون عندنا فذبحوا الفارس “المواطن” بدل الفرس.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!