-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عودة نفط أوبك + إلى مجاريه

عمار يزلي
  • 570
  • 0
عودة نفط أوبك + إلى مجاريه

رغم تسريبات الـ”وول سترت جرنال”، ومزاعم “كثيرة يأخذونها” بشأن “خلاف روسي سعودي” بشأن زيادة أو خفض كمية النفط داخل منظمة أوبك+، خرجت المنظمة “كما بدأتها أول مرة”..

موحَّدة وبسقف عال وواعد من التوقعات بشأن مستقبلها، والذي كان الكثير في الغرب الجماعي يراهن على فشلها، وعدم صمود القرارات التي اتخذت قبل سنة بشأن تخفيض كمية إنتاج النفط بمقدار مليون برميل، حفاظا على أسعارها من التذبذب مرة أخرى، كما حصل خلال سنوات الغلق الاقتصادي بسبب كوفيد19 وما بعده.

يأتي قرار أوبك+ بخفض مليون برميل من النفط ابتداء من 1 جويلية وإلى غاية 2024، ليؤكد حسم المنظمة لقرارها السياسي والسيادي النابع من الضرورة الاقتصادية المحضة، من دون تسييس للمنظمة وبلا خضوع سياسي أيضا لحسابات سياسية داخلية واقتصادية في دول الاستهلاك الغربي.

لقد عرفت “أوبك” لسنوات طوال، ضغوطا وتململا ناجما عن قرارات كبار المنتجين في المنظمة الذين بقوا سنوات طويلة “رهن الطلب” الأمريكي بشأن زيادة أو خفض الإنتاج في المنظمة، وهو أمرٌ لم يعد يراه كبار المنتجين الكبار مجديا، لاسيما المملكة العربية السعودية، ولا منطقيا أيضا. ذلك أن الخضوع للطلب الأمريكي، غالبا ما كان يخدم الاقتصاد والسياسة الأمريكية الداخلية والخارجية وهذا على حساب اقتصاديات الدول المنتجة والمصدِّرة. لقد كان منطقا معكوسا تماما، قيمته اليوم هذه الدول نفسها في المنظمة: أن تفرض الدول المستهلِكة شروط الإنتاج على الدول المصدِّرة له، فيما المنطق يقتضي العكس الذي هو الأصل في المعادلة التجارية، بمعنى أن المنتج المصدِّر هو الأولى بفرض معادلات التسويق للمستهلِك، بما يضمن مصالحه ومصالح الطرفين على حد سواء، وليس ضمان مصالح الطرف المستهلِك على حساب الطرف المنتِج المصدِّر. كانت هذه المعادلة الخاسرة للطرف الأول، وما حصل منذ مجيء الديمقراطيين إلى البيت البيض والرغبة الجامحة لدى إدارة بايدن في استعمال فزَّاعة حقوق الإنسان ضد الإدارة السعودية، وتوظيفها كشمَّاعة للابتزاز وفرض قيود على المملكة في مجال التسليح والأمن، بل والذهاب إلى حدِّ تصريح الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة ستجعل المملكة “دولة منبوذة”. هذه الشرارة، سرّعت المفعول العكسي، ودفعت المملكة إلى الجنوح لاستقلالية القرار السيادي في كل المجالات، بما في ذلك التوجه شرقا وتكثيف التعامل الاقتصادي والأمني مع الصين وروسيا ثم إيران مؤخرا.

الأمر ذاته دفع المملكة ومعها الإمارات العربية التي كانت دائما الإدارة الأمريكية ـ السابقةـ سببا في دق الإسفين بين الأشقاء في دول الخليج في قضية الخلاف مع قطر، دفعتها اليوم إلى التقارب في وجهات النظر بشأن خفض إنتاج أوبك+، أي منظمة أوبك رفقة الدول المنتجة للنفط خارج المنظمة ومنها روسيا. قرار اقتصدي محض، مستقل عن المصالح الغربية، يدافع عن مصالح الدول المنتجة للنفط والمصدِّرة له من دون الإخلال بواجب الحفاظ على جيب المستهلِك الغربي، لكن من دون أن يكون ذلك على حساب “جيب المنتج” كما حصل مرارا قبل اليوم.

هذه الاستفاقة، مع دخول روسيا من خارج المنظمة كمنتج كبير، رفقة المملكة العربية السعودية والإمارات في حلقة واحدة، هدفها الدفاع عن حقوق الدول المنتجة، ما كان ليحصل لولا العمل الجزائري داخل المنظمة، والتي نجزم أن تأثيرها كان قويا وفوريا إن لم يكن حاسما في عودة أوبك إلى سابق عهدها في السبعينيات لما كان أعضاء المنظمة -ومنها الجزائر والسعودية – على توافق تام بشأن تسيير المنظمة وفق منطق تجاري اقتصادي سيادي ندّ، لا يخضع لشروط  دول الاستهلاك مطلقا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!