-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في انتظار النهضة الخامسة…

محمد سليم قلالة
  • 4095
  • 15
في انتظار النهضة الخامسة…

عندما تنهض الأمة الإسلامية تنهض في زمن واحد، وعندما تصيبها النكبة تصيبها أيضا في وقت واحد. حدث هذا تاريخيا ويحدث اليوم للمرة الرابعة…

ثارت الأمة ضد الهيمنة الغربية في منتصف القرن التاسع عشر مع الأمير عبد القادر، في الجزائر، والإمام شاميل الدغستاني في الشيشان، والإمام بهادر شاه الثاني المغولي، زعيم آخر دولة إسلامية في الهند. وتم القضاء على الثورات الثلاث بتحالف غربي واضح، سياسي وفكري وعسكري، ونُفي زعماؤها تقريبا في نفس الوقت (الأمير عبد القادر إلى دمشق 1853، والإمام شاميل إلى مكة 1859، والإمام بهادر شاه إلى بورما 1858)، حيث توفي جميعهم في المنفى ــ رحمهم الله ــ وتم تكريس الاحتلال الغربي في كامل ربوع العالم الإسلامي .

 

وحاولت الأمة بعد هذه النكبة استنهاض الهمم فكريا في ثورتها الثانية، فبرز مصلحون ومفكرون مشرقا ومغربا (جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وخير الدين التونسي، ورفعت الطهطاوي…) إلا أن آلة التحطيم الغربية منعتها مرة ثانية من ذلك، فكانت النتيجة تكريس احتلال الجزائر، ووعد بلفور واتفاقيات سايكس بيكو ثم إسقاط الخلافة سنة 1924…

وحاولت الأمة نهضتها الثالثة مع عمر بن قدور، والأمير خالد وابن باديس في الجزائر، وحسن البنا في مصر، وشكيب أرسلان في لبنان، والمودودي في باكستان ومحمد إقبال في الهند، وانتصرت هذه المرة بطرد الاستعمار التقليدي، وكان أكبره في الجزائر ثورة نوفمير 1954، إلا أن عدو الأمس، ما لبث أن عاد من زاوية بث الفتنة من الداخل، وكان عنوان ذلك افتعال المعارك بين الإسلام والوطنية بأية طريقة، الضباط الأحرار ضد الإخوان في مصر (إعدام سيّد قطب)، الوطنيون ضد الإصلاحيين في الجزائر (سجن العلماء)، البعثيون ضد الإسلاميين في الشام والعراق (قتل رموز الحركة الإسلامية)، أسرة الشاه بهلوي، ضد الحوزات الدينية في إيران (قتل علي شريعتي) أنصار المودودي، ضد علي جناح في باكستان (سجن المودودي).. والبقية معروفة…

وحاولت الأمة نهضتها الرابعة اليوم، ضد الظلم والاستبداد المسلّط عليها، فكانت النتيجة ما ترون: الجيش ضد الإخوان في مصر، واغتيالات في تونس وليبيا، وحرب أهلية في سورية، واضطرابات في اليمن، وإرهاب قاتل في العراق، وحصار خانق على إيران، وتحالف عسكري ضد أفغانستان وباكستان، وتخطيط أكيد ضد الجزائر…

فهل نستخلص الدرس، ونتذكّر أنه بعد مرحلة تحطيم الأمة من الخارج من خلال الاحتلال في القرن التاسع عشر، جاءت مرحلة التحطيم من الداخل بافتعال الصراع بين الإسلام والوطنية، والعمل على أن تكون محصلة الصراع في كل الحالات أن تبقى القدس محتلة. ألا ترون بأن كل ما يحدث منذ أكثر من قرنين إنما يصب في هذا الاتجاه. ألم تخرج إسرائيل هي أكبر مستفيد اليوم مما يحدث في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا وأفغانستان؟ ألم يتم تأليب المسلمين ضد المسلمين؟ ألا نعي؟ ألا نعتبر؟؟ ذلك هو السؤال،

في انتظار النهضة الخامسة..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • أديب

    شكرا للكاتب

  • fatiha

    اشتقنا الى كتاباتك و تحليلك الرائع يا استادي الفاضل.........خريجة علوم سياسية

  • أديب خان

    الثورات الأربع فشلت جميعا لأنها رفعت شعار لا يصلح آخر هده الامة الا بما صلح به اولها
    في حين ان الأوائل اقتتلوا مند البداية
    فتنة عثمان بداية من 25هجرية
    فتنة على ومعاوية 36هجرية
    ثم جاءت البقية
    المجتمعات العربية لن تقوم لها قائمة ما لم تفكر في المستقبل وتكف عن التفكير في الانتصار للماضي
    الماضي لم يعرف دولة المواطنة وحقوق الانسان
    وانما عرف الدولة الخراجية، اي دولة تجمع الخراج من الامصار ولا تهتم بخدمة المواطن
    دولة كانت تعرف الانسان بالهوية الدينية وليس بالمواطنة
    دولة تعتقد انها تستمد شرعيتها من الحق الالهي
    انظر ما جرى للأخوان لما حاولوا اسلمة

  • عبد الغني

    لا يتسع الحال الا اذا ضاق الامة الان تمر بمرحلة صعبة اشبه بالمخاض المصاحب للا لام لقد طال ليل الامة الاسلامية لكن هذه سنة الحياة ما من مولود الا ويسبقه الام و ما من ليل و ان طال الا و يعقبه فجر لقد سمع صراخ المولود و شوهد خيوط الفجر الجديد و اظنه في تقديري في مصر ام الدنيا لتصبح ام النهضة الخامسة و ها نحن نرى المعجزة في ميدان رابعة العدوية و النهضة و و و باستثناء التحرير المحتل من قبل المتخلفين الجاهلين القتالين يريدون ان تبقى الامة في الظلام

  • بدون اسم

    كلام مهم واستخلاص الدروس ياتى عبر اقامة انظمة ديموقراطية حرة واعفاء الجيوش من الخوض فى السياسة ليس لنا بديل غير هدا ولا فستبقى تتكرر هده الماسى الى ان نفقد اوطاننا ونتشتت شعوب وقبائل

  • naime

    أن الموت لمن يعيش في ظل الظلم والجور ولا يحصل من دنياه غير الأكل والشرب والنوم فقط وتحت ثقل الذل والهوان، أن الموت خير لهذا الإنسان من هذه الحياة المهانة بآلاف المرات. هذا هو النداء، نداء الشهيد! لقد اختار الحسين عليه السلام موضع الهجوم على سلطة زمانه وكان منطقه منطق المتسابق على الشهادة، لقد أراد أن يبين للعالم أجمع هذا الرفض وهذا المنطق من صحراء كر بلاء، ولم يكن في حينه لدى الإمام عليه السلام لا قلم ولا قرطاس ليكتب نداءه ولكنه سجل النداء على صفحة الهواء الدائمة الاهتزاز، وقد خلد هذا النداء

  • naime

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    شكرا لك أستاذ ياقلالة سليم
    بسم الله الرحمن الرحيم .

    كما أن للظواهر المختلفة حقائق مختلفة فإن كل نهضة أو ثورة بما أنها ظاهرة لها حقيقة خاصة بها تختلف عن حقائق مثيلاتها. ولأجل إدراك شيء معين - يجب التعرف على علله الفاعلة والغائبة، وكذلك الإحاطة بالعلل المادية لذلك الشيء، أي بأجزائه وجزئياته المكونة له وأيضاً معرفة علته الصورية وشكله وخصائصه التي حصل عليها في الكل

  • ابراهيم غمري

    في انتظار االمقصد الكلي للديمقراطية النهضوية
    منذ مدة الفكر النهضوي في عالمنا يعتمد على مقاربتين اِحداهما تدعو التغيير من القمة والآخرى من القاعدة.
    تجربتان اِحدهما في الجزائر ,التغيير النهضوي من القاعدة فتم إسقاطها و الثانية في مصر من القمة فتم إسقاطها .
    الحروب الأهلية كوسيلة للنهضة مدمرة و الخاسر الوطن و الشعب الرابح هم تجار السلاح الخارج و الداخل.
    ماذا بقي من التجارب النهظوية في الدول العربية.
    بقيت تجربة نهضوية واحدة في الجزائر وهي.أن نعمل على وضع مقصد كلي لنهضة جزائرية لا تقصي أحد

  • fares

    merci bcp pour cette vision pertinente..

  • الجزائرية

    و هذا دليل على إفلاس مشاريعنا الحضارية ،لأنها بنيت على الأنانية و الحسابات الشخصية .فلو عدنا للحركة الوطنية الجزائرية مثلا و تحضيرها لشعب أعزل قام بأكبرثورة كانت مثالا للمستضعفين لوجدنا أنها انتصرت بفضل التماسك و التضامن و الإيمان و نكران الذات خاصة..لقد بنيت على القيم ،لذلك صنع الجزائريون الملحمة التي كسرت أنوف الجبابر و لو عاد شعبنا و استلهم من ثورته نفس المبادئ لترفع على الترهات و المهازل التي تلاحق يومياته و مكنته من أن يرى من الكأس إلا الجزء الفارغ .

  • نورالدين قرارة

    المبرر الوحيد لسقوط اسم المفكر الكبير مالك بن نبي من المقال هو السهو، دون ذلك فإن عدم ورود اسمه يعتبر أجحافا كبيرا في حق الرجل.

  • فضيلة

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    شكرا لك أستاذ ، اظن ان اليقظة هي نتاج تربية وفق اسس صحيحة و سليمة تمس كل جوانب الحياة المادية و المعنوية لمعرفة الخطا من الصواب و الصديق من العدو و منه بإمكاننا آليا القيام بنهضة قوية تحمي كل هذه الجوانب .

  • ياسين

    المشكل في الحركات الاسلامية أنها تكرر دوما أخطاءها؟ و هذا راجع بالأساس إلى الغرور أحيانا و إلى الضعف الفكري في إدارة الصراع الفكري تارة أخرى.. زد إلى ذلك أن الحركات الإسلامية لا تقبل النقد الذي يكشف لها عن أخطائها و توصم من ينتقدها و هو مخلص في ذلك بأنه عدوها و لا يريد لها الخير؟ لقد كان الأجدر بهم أن يشكروا من يهدي لهم أخطاءهم "رحم الله امرؤا أهدى إلي عيوبي"...

  • قادة بيو لمين

    استخلاص الدروس من التاريخ هو عيب العرب والمسلمين ياقلالة سليم.لوكانوا يستفيدون من ماانتجته ازماتهم عبرالتاريخ وماساة غيرهم من الامم.امةالمليار ونصف مسلم منهم 400مليون من العربان مساوون لصفر بالنسبة لكيان الصهاينة الذي يعربد في اراضيهم و يغتصب عروضهم و يستبيح اراضيهم ويشرد اهاليهم ويدنس مقدساتهم وهم يلوحون له بالسلام ولا شيء غيرالسلام وزينوه بصيفات الذل والهوان وسموه سلام شجعان واخرخياراستراتيجي لارجعة فيه...امة اقرا اصبحت لاتقرا وان قرات لا تفهم وان فهمت لاتتعض من ماحدثلها من احداث ولامن ماقرات

  • اميرة

    وهل تسمي حكم الإخوان الفاشلين، تجار الدين نهضة؟