-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قمة مصالحة في غياب المصالحة ؟ !

الشروق أونلاين
  • 5140
  • 0
قمة مصالحة في غياب المصالحة ؟ !

حاول القادة والملوك المشاركون في القمة العربية التي افتتحت أشغالها الاثنين في العاصمة القطرية الدوحة بأن يجعلوا من قمتهم مناسبة للمصالحات العربية وتنقية الأجواء بعد قطيعة وانشقاقات خيمت على المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

  • وقد أعرب بعض الزعماء في كلماتهم أمام القمة عن نواياهم الصادقة بضرورة تجاوز الخلافات وتحقيق المصالحة والتضامن، لأن العالم يتغير والظروف تتغير ولن يكون للعرب مكانا إذا بقوا على نفس حالتهم الراهنة. ولكن هذا الكلام الجميل الذي يتردد على مسامع الشعوب في الآونة الأخيرة لا يعكس الواقع الحقيقي، حيث ما تزال الخلافات العربية وحرب الزعامات تفرض نفسها على الساحة، بدليل أن الرئيس المصري حسني مبارك تغيب عن القمة لأسباب غير مبررة، بل أن التمثيل المصري خفض إلى مستوى لم يكن متوقعا من طرف هذه الدولة التي يفترض ـ بثقلها الإقليمي ـ أنها هي تقود قاطرة التضامن العربي. والواقع أن التركيز على المصالحة العربية في قمة الدوحة يأتي بعد تحركات واتصالات ماراطونية قادتها الدول المسماة بـالمعتدلة، إضافة إلى سوريا التي دخلت على خط القاهرة ـ الرياض.
  •  وظاهريا هدفت تلك التحركات إلى توحيد الصف العربي المتشردم، ولكن باطنيا لا أحد يدري ما إذا كانت هذه التحركات جاءت من باب أن العرب أدركوا أخيرا أن حجم التحديات التي تواجههم تستدعي حدوث تحول استراتيجي في علاقاتهم ومواقفهم أم أنها مجرد خطوات جاءت تحت ظروف معينة وستعود الخصومات والعداوات إلى سابق عهدها.
  • والسؤال الذي يطرحه أي متتبع لأوضاع الدول العربية هو لماذا خلصت النوايا هذه المرة، وحدثت مصالحة بين الدول المتخاصمة، وبالتحديد ما الذي جعل مصر والسعودية تتصالحان مع سوريا التي كانت إلى وقت قريب تنتقد بشدة وتتهم بأنها تنفذ أجندة إيرانية في المنطقة؟ هل لأن القاهرة والرياض أدركتا حجم سوريا الحقيقي وأن دورها أساسي ولا يقل أهمية عن دورهما في حل قضايا المنطقة، أم لأن الإدارة الأمريكية الجديدة تنتهج أسلوبا مغايرا في التعاطي مع هذه الدولة، حيث فتحت معها باب الحوار من خلال الزيارات المتتالية للمسؤولين الأمريكيين. وبدوره نظام بشار الأسد ما الذي جعله ينفتح فجأة على القاهرة والرياض وهو الذي يقف في صف الممانعة ومتحالف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعمل العاصمتان على عزلها؟ المؤكد أن لا أحد ضد المصالحات الجارية إذا كان هدفها خدمة المصلحة العربية بالدرجة الأولى، ولكن على أي أساس ستعاد صياغة العلاقات العربية ـ العربية، وهل هناك استراتيجية واضحة متفق عليها من طرف جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، وهل يكفي أن تتصالح دمشق مع القاهرة والرياض حتى نتحدث عن المصالحة وحتى يصلح البيت العربي وتتوفر الحلول السحرية لحل المشاكل والخلافات ومواجهة الأزمات المطروحة بإلحاح على الساحة العربية.
  • كل المؤشرات توحي بأن المصالحة العربية أو بالأحرى وحدة العرب ما تزال بعيدة المنال لأن المسألة لا تحسم بلقاءات وزيارات متبادلة بين هذا الرئيس وذاك و لا بمحاولة فرض رؤى وتصورات معينة وإنما بإرادة صادقة وبرؤية شمولية لمشاكل وأزمات المنطقة. وإذا كانت المخابرات المصرية قد جندت كل طاقاتها من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية وإقناع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بعدم جدوى الارتماء في أحضان قوى إقليمية، وإذا كان عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية يبدل جهودا مماثلة من أجل إعادة العراق المحتل إلى الحظيرة العربية، فهناك تحديات عديدة ما تزال تفرض نفسها على العرب بينها أن اليمين المتطرف عاد إلى السلطة في إسرائيل، وأنه قد يؤجج المنطقة مرة أخرى بحروب وعدوان، وهو ما يعني أن المنطقة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة صياغة علاقاتها مع الدول المجاورة ومع بقية الدول الإسلامية على أسس جديدة وليس بخلق عداوات مجانية لا يستفيد منها سوى العدو المشترك.
  •  وما المانع أن يجلس العرب إلى نفس الطاولة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأن يبحثوا خلافاتهم معها بكل شفافية ووضوح بدل عملهم على عزلها وتهميش دورها في الوقت الذي يتودد إليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما ويصّر على بناء علاقات جديدة معها ..
  • والتحدي الأكبر الذي يواجه العرب هو قضية السودان المعرض للتقسيم والتفتيت في ظل قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس عمر حسن البشير على خلفية مسألة إقليم دارفور. نعم السودان هو التحدي الأكبر، لأن التعاطي معه سيكشف ما إذا كانت الزعامات العربية التي تتحدث اليوم عن المصالحة وعن الوحدة قد استفادت من درس العراق، وبالتالي ستدافع عن أمن السودان ووحدته، أم أنها ستتركه وتسمح باعتقال البشير واقتياده إلى محكمة لويس أوكامبو.  

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!