-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ملعب تشاكر إلى المتحف

ملعب تشاكر إلى المتحف

في الوقت الذي يحلم الجزائريون، سهرة الثلاثاء، ببلوغ المجد الرياضي، من خلال التأهل إلى كأس العالم لخامس مرة في ظرف الأربعين سنة الأخيرة، من أرض ملعب مصطفى تشاكر بمدينة البليدة، يحسّون في الوقت نفسه بالأسى والحسرة، من المناظر غير الحضارية، التي سبقت المباراة وشوّهت صورة الجزائر في عالم الكرة، عندما تحوّلت الرغبة في مشاهدة مباراة كرة، إلى معاناة وألم وذلّ، ودون ما هو حاصل في أفقر بلاد العالم وأكثرها تخلفا؛ فمن بين الدول الإفريقية العشر التي بلغت الدور التصفوي الأخير، ومنهم من لا يمتلكون ثروات ولا أموالا ولا حتى نفس العشق للعبة المتوفر في الجزائر، لم تخرج من الرواق المتطور من ملاعب أولمبية كبيرة وتعامل حضاري مع المناصرين عبر التذاكر الإلكترونية والمقاعد المريحة، غير الجزائر، التي خسرت المباراة من هذا الجانب، وبالثقيل، أمام بقية المنتخبات الإفريقية.

التركيز حاليا على كيفية تأهيل المنتخب الجزائري إلى كأس العالم في قطر، وإفراح أربعين مليون جزائري، لا يمكن أن ينسينا أهمَّ وسائل لعبة كرة القدم، وهي المنشآت الرياضية الراقية، التي تقدّم صورة البلد أكثر من النتيجة الآنية للاعبين وللطواقم الفنية، فمن غير المعقول أن لا يتوفر بلدٌ كل سكانه يعشقون الكرة ويشجعون المنتخب الجزائري، إلا على تسعة عشر ألف مقعد، لمتابعة مباراة تأهِّله إلى كأس العالم، وهي لا تكاد تكفي سكان أيّ بلدية في الجزائر.

الجزائريون احتفظوا بذكريات جميلة وخالدة، من مباريات لُعبت في ملعب تشاكر بالبليدة، وهم الذين فازوا على فرنسا سنة 1975 بعد سنوات قليلة من استقلالهم، في ملعب الخامس من جويلية، الذي لم تكن فرنسا في ذلك الزمن البعيد تمتلك مثيلا له، جمالا وسِعة، وفي الوقت الذي نحتت كل بلاد العالم بما فيها الإفريقية المنتمية إلى بلدان ضعيفة وفقيرة، ملاعبها الجديدة المُكرّمة للاعبين وللإعلاميين وللجمهور وللمشاهِد عبر التلفزيون، تراجعت الجزائر وبقيت تصرّ على أن تعلن للعالم بأسره، بأنها لا تمتلك أي ملعب يليق بمنتخب على مشارف المشاركة في مونديال سيُلعب في مركّبات رياضية مكيّفة، أشبه بالفنادق الفخمة والمسارح الساحرة.

على الجزائر أن تسارع لوضع ملعب شاكر في المتحف، تتذكر فيه إنجازات تأهل “الخضر” إلى كأس العالم في جنوب إفريقيا وفي البرازيل، وبحول الله في قطر، وأن لا تبني عليه أي مجد كروي قادم، أو على الأقل تحيله إلى المنافسة المحلية الخاصة بنادي اتحاد البليدة، المنتمي للدرجة الثالثة، وأن لا تكتفي بملعب وهران الجاهز، وما بُني ويُبنى في براقي والدويرة وتيزي وزو، وكلها مشاريع تعود إلى سنوات الفساد، وأن تطلق مُركّبات رياضية عملاقة أخرى بالعاصمة وقسنطينة وسطيف وتلمسان وغيرها، تعلن بها عن نفسها في ثوبها الجديد، كبلدٍ لا يعشق الكرة ويتفوق فيها فقط، وإنما يبني من خلالها للأجيال القادمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!