-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

منظومة لترسيب التلاميذ !!!

التهامي مجوري
  • 3004
  • 0
منظومة لترسيب التلاميذ !!!

لا شك أنكم تذكرون معي تصريح وزير سابق للتعليم العالي، عندما قال “إن الجزائر عازمة على تخريج مليون دكتور”. هذه الفكرة سكنت لا شعوري ردحا من الزمن، إلى أن رأيت فيما يرى “المزطول” الحالم المتمني من الجزائريين، أن مشروع أبو بكر بن بوزيد وعلي بن زاغو ونورية بن غبريط التربوي الإصلاحي –لا قدر الله-، قد فاز بميدالية ذهبية دولية نظمتها إحدى الدول المتفوقة في عالمي التربية والتعليم؛ لأن النتائج التي حققها هذا المشروع لم يحلم بها الجزائريون في حياتهم، ولم يحقق مثلها في العالم، بحيث بلغت الأمية فيه نسبة صفر بالمائة، بينما الشهادات المحصل عليها تتراوح ما بين الليسانس والدكتوراه والأستذة.

وهؤلاء الأبناء أبوبكر “رضي الله عنه” وعلي ونورية “عليهما الصلاة والسلام”، ينتسبون لثلاث عائلات، وهي بوزيد وزاغو وغبريط، يقال أنهم على قدر عال  من الفهم لعالمي التربية والتعليم،  والتجارب الناجحة في في محور واشنطن – موسكو على حد تعبير بن نبي رحمه الله.

لقد أضحت الجزائر مملوءة بالدكاترة وأساتذة و”الليسونسيين”، فلا وجود لمستوى دون الليسانس، أما ما فوق الدكتوراه والأستذة، فحدث “بكل حرج”، إذ لم يبق في البرلمان والحكومة من لا يحمل شهادة، ليسانس أو دكتوراه أو مهندس أو قاضي.. ناهيك عن شهادة الميلاد، التي كانت منطلق المشروع المشار إليه، الذي أخذ على عاتقه أن يكون لكل جزائري شهادة معتبرة مثل شهادة الميلاد تماما تصاحبه إلى نهاية العمر.

إن هذا المكسب الرائع الذي حققته الجزائر في عالم التربية والتعليم، بالحصول على هذا الكم الهائل من الشهادات العليا رغم تضييق الجامعة الجزائرية الخناق على الطلبة في المسابقات الأكاديمية الجامعية، أوقع الوظيف العمومي في مجال التوظيف في مشكلة كبيرة، بحيث عجز عن إيجاد حل لهذه الشهادات الكثيرة، وامتلاء المناصب بها، فلا المسابقات عالجت الموضوع، ولا مناصب العمل استطاعت امتصاص هذا القدر الهائل من المتخرجين..، ولا المشاريع الاقتصادية التي تحدثت عنها الحكومة استطاعة إحداث مناصب عمل…، ومع ذلك فكرت الحكومة في جولة دبلوماسية لحل المشكلة، لتصدير الكوادر البشرية إلى الدول الصديقة والشقيقة..، ما دامت الجزائر لا تملك متتوجا لتصديره، عدا المحروقات، وكذلك فكرت في حل عاجل آخر وهو تخفيض سن التقاعد، فلا يستمر العامل في العمل إلى سن الـ 60 سنة، وإنما يقدم سن التقاعد إلى الـ50 سنة، وإذا أراد أن يتحول إلى “بزنس مان” فلا بأس بذلك؛ لأن إمكانياته العلمية تؤهله لذلك…، ولكن هذه المقترحات التي تقدم بها بعض المسؤولين رفضها الشعب، وتظاهر وقام بمسيرات احتجاجية على هذا الإجراء اللاوطني.. والمعوق للقدرات الجزائرية؛ لأن الشعب لا يرغب في الخروج من بلاده التي علَّمته وصرفت عليه الملايير، ولا يريد أن ينتفع بعلمه غيرها إلا بعدما تنهض هي وتصبح سيدة في المنطقة..، وكذلك رفض التقاعد قبل السن التي تعارف عليه العالم؛ لأنه “شعب خدَّام”، ومثلما قضت الجزائر على الأمية، وأصبح كل الجزائريين بشهاداتهم، فلا بد من أن يكون لكل الجزائريين سكناتهم وضماناتهم الاجتماعية الكاملة، وينعم بالديمقراطية وضمان الحريات الأساسية والعدل الإجتماعي ويستمرون في الإنتاج، ولما يتحقق ذلك يمكن للجزائري أن يفكر في الخروج من بلاده لخدمة الناس الآخرين أو للسياحة.. واستمر الجدل في كيفية استثمار هذا الكم الهائل من الشهادات العالية، ولا يزال الجدل قائما حول الموضوع، ولكن الإشكال الذي وقع فيما أفرزته نجاحات المنظومة التربوية الجزائرية، هو نقص اليد العاملة في مجالات أخرى، أي بعدما أضحى كل الجزائريين متعلمين ولهم شهادات، من يقوم بالأعمال البسيطة لا تحتاج إلى شهادات، ويرفض حملة الشهادات القيام بها، والتي هي حاجات اجتماعية أيضا.

إنها مشكلة وهي أخطر على الجزائر من الواقع الذي كان قبل نجاح المشروع التربوي المذكور.

فهي أزمة ولم تعد مجرد مشكلة يسهل التغلب عليها، لأن ندرة العمال البسطاء، مثل عمال النظافة والحراسة والسواق والفلاحين والحمالين ونساء التدبير المنزلي –femmes de ménage-…إلخ، أصعب من ندرة أصحاب الشهادات.

فعندما يصبح كل الشعب بشهاداته، متخرح من الجامعات بشهادات عليا، فإنه بلا شك لم يتعلم ليشتغل في النهاية حارس أو سائق شاحنة أن عامل في “ناتكوم”..، ولكن منطق سوق العمل، يحكمه قانون العرض والطلب، فعندما يتحول تضخم عدد أصحاب الشهادات في المجتمع، فإن القطاعات الأخرى التي لا تتطلب الشهادات تشعر بالحاجة إلى غير المتعلمين؛ لأن أصحاب الشهادات يرفضون العمل في غير ما تعلموا، فانقلبت الآية، واستشرت الندرة في العمال البسطاء، وكانت المشكلة..، ودخلت البلاد في نقاش حامي الوطيس.. ما العمل؟ أصحاب شهادات بطالين.. والحاجة ماسة إلى العامل البسيط..، هل نُرَغّب الدكاترة والأستاذة في الفلاحة والسياقة والحراسة، ونشير على الطبيبات والمهندسات بالعودة إلى التدبير المنزلي الذي خلا من رباته؟  أم ماذا؟

وعندما بلغ الأمر هذا المستوى من العجز، في مجال أصحاب الخدمات البسيطة، قَرَّرْتُ أن أشير على أبناء بن بوزيد  وبنزاغو وبن غبريط؛ لأن أبناءهم ورثوا عنهم مشروع المنظومة التربوية، ان يكون مشروعهم الجديد في عالمي التربية والتعليم، مشروعا لترسيب التلاميذ الناجحين، للتقليل من عدد الدكاترة والأساتذة، ليتمكنوا من القضاء على الحاجة إلى العمال البسطاء، وتعود إلجزائر إلى عهدها القديم وهو وفرة العمال البسطاء من عمال نظافة وسواق وحمالين…ّ، وإذا لم تستطع الجزائر أن تنجح في مشروع الترسيب هذا، فإنها لا يمكن أن تسترجع مكانتها وسيادتها وتوازنها الاجتماعي. إن الشهادات ليست كل شيء، وحاجة المجتمع إلى أصحاب المهن البسيطة، أكثر من ضرورية، رغم ان أصحاب هذه المهن لا يملكون شهادات؛ بل إن وجودهم هو الذي حيقق التوازن على خلاف أصحاب الشهادات فإنهم يوقعون المجتمع في أزمة الحاجة إلى الأميين

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • Habib

    Je suis entièrement d’accord avec vous. Il faut briser cette logique absurde qui veut que tous les algériens passent la 6e et aient le brevet, le baccalauréat, la licence etc. Il faut revenir au système sélectif qui existait avant et imposer la rigueur de sorte que seuls les meilleurs doivent finir tout ce cycle. Il faut encourager et récompenser les meilleurs élèves qu’ils soient garçons ou filles, pauvres ou riches. Il faut décupler le nombre de centres de formations et d’instituts spécialisés

  • ساسي

    ابنائك يدرسون بالخارج وانتم تفلسفون عي الشعب هوايتكم اللعب بامال وقب الشعوب اتقوا الله فينا يا رجل

  • بدون اسم

    السلام عليكم
    شكرا استاذ ...
    نعيش مرض مزمن وهو "التوسويس"
    أو الهوس المفرط بالسياسة،في جميع الميادين،
    تمارس من دون فكر لا نعرف منها إلا الجدل والشعارات، العنف والمخادعة، والمواقف المبنية على المصلحة الضيقة والمباشرة، على حساب القيم والمبادئ،
    وشكرا