-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من يحمي اختيار الشعب؟

محمد يعقوبي
  • 3588
  • 9
من يحمي اختيار الشعب؟

هل يكفي تهديد وزير الداخلية لجحافل الإداريين، حتى يقلعوا عن عاداتهم السيئة في تزوير الانتخابات، أو تكفي الضمانات “الشفوية” التي أطلقها رئيس الجمهورية، لنقول إننا أمام انتخابات تشريعية ستكون الأنزه منذ بداية التعددية؟؟

للأسف الشديد، أصبح التزوير ثقافة سائدة تجتاح أجهزة الإدارة أفقيا وعموديا، هم يزورون الانتخابات أحيانا، ولا يعرفون لصالح من، المهم أن يقمعوا إرادة الشعب ويغيّروها، حتى لو انتخب على أحزاب السلطة..

نعم، قد تصدق إرادة النظام هذه المرة في ضمان شفافية ونزاهة الانتخابات، وهو اعتراف من النظام، بعدم نزاهة كل الاستحقاقات الانتخابية الماضية ـ ومع افتراض أن هذا الشعب المتسامح قد غفر لصناع القرار التلاعب بإرادته عبر مختلف المواعيد الانتخابية الماضية ـ لكن كيف له أن يشارك في التشريعيات القادمة وليس لديه سوى ضمانات شفوية، لا يمكن لها أن تكون كافية لنزاهة الانتخابات، لسبب بسيط.. هو أن التزوير تحوّل من حالة عابرة إلى ثقافة سائدة، ثم تحول إلى ابتكار طرق وأساليب متعددة لمحاصرة اختيارات الشعب، والتحكم في مزاجه العام.

إذ لم يعد التزوير مقتصرا على تلك الحركة الخفيقة في ملء الصناديق ببطاقات انتخاب لم يخترها الشعب، بل تعدى ذلك إلى ابتكار طرق لا يمكن أن تخطر على بال المواطن البسيط، الذي قد يكلف نفسه عناء الذهاب إلى صناديق الاقتراع، أملا في التغيير المنشود.

ما يسميه البعض بـ”التزوير الذكي” يبدأ مبكرا من خلال ضخ الهيئة الناخبة، أكثر مما تستوعب من الأحياء والأموات والمرحّلين، الذين قد ينتخبون في مكان وينتخب عنهم في مكان آخر، وهي الهيئة الناخبة التي أثارت حفيظة الأحزاب الجادة في مسعى التغيير، إذ كيف يعقل في بلد تعداد سكانه 40 مليون نسمة، أن تتجاوز الهيئة الناخبة 20 مليونا، بينما لاتتجاوز الهيئة الناخبة في بلد جار مثل المغرب 13 مليون نسمة، رغم أن تعداد السكان في الجزائر والمغرب تقريبا متساوٍ، ومن حق المعارضة أن تعرف سرّ هذه المبالغة في الهيئة الناخبة، ومن حقها أيضا أن تشكك في نية السلطة استغلال الفائض من هذه الكتلة لفرض توازنات انتخابية خارج صناديق الانتخاب، مثلما حدث في مختلف المواعيد الانتخابية السابقة، وهو ما قد يعيدنا إلى زمن الكوطة الذي يفترض أن الربيع العربي قد نسفه نسفا.. ولكن هل جحافل الإداريين على علم بهذا الخبر!؟

إحدى مراحل التزوير المحتمل قد تتعلق بغربلة قوائم المرشحين على مستوى اللجان الإدارية والأمنية الولائية، وضمن منطق الإقصاء، قد تستعير السلطة أسطوانة “خطر على الأمن العام” لتقصي أي مرشح لا يعجبها، أو قد يشكل إجماعا شعبيا في ولايته، وكلنا يعلم ماذا فعلت هذه المقصلة بقوائم حركة النهضة في انتخابات 2002، عندما تعرضت “للزبرالممنهج أدى إلى إنهاكها وإخراجها من الانتخابات خاوية الوفاض، لمجرد أن حساسيات إسلامية عدة لجأت إليها، إلى درجة أنه تم إقصاء إمام من إحدى القوائم، وقد كتب على ملفه عبارة “لديه ميولات إسلامية”، وهي ممارسات كان يمكن أن تكون فضيحة حقيقية في بلدان أكثر ديمقراطية…

التزوير الذكي الذي يخشاه “أذكياء السياسة” ليس متعلقا على الإطلاق بالصناديق نفسها، بقدر ماهو متعلق بما يسبقها، وما يتبعها من إجراءات موغلة في البيروقراطية، وعلى رأسها الطريقة التي يتم بها تجميع الحسابات على مستوى الدوائر والولايات، إذ لا معنى للصناديق إذا كانت محاضرها تختم وتشمع في مخابر مظلمة لا يطلع عليها ممثلو الأحزاب، مثلما حدث في انتخابات 97 الأكثر تزويرا في تاريخ الجزائر..

يمكن استئصال فيروس التزوير بإبعاد العملية الانتخابية من دائرة المشبوهين، وتغيير هياكل لجان ومراكز التصويت جذريا، بل منع كل من له سوابق تسيير هذه الهياكل من التواجد بالقرب من الصناديق، لأن جحافل الإداريين في هذه اللجان بالذات، قد تعودت على خفة اليّد، وليت هؤلاء يكتشفون أن الجميع سوف يضحى بهم إذا وقف الشعب للدفاع عن حقه يوما ما!

نعلم أن أغلب رؤساء البلديات ينتمون إلى الحزبين الحاكمين، وأن أغلب رؤساء الدوائر لا يخرجون من ذلك الفلك، وأن أغلب الولاة هم نسخة مشوهة لإدارتنا المريضة، بكل أنواع البيروقراطية والمحسوبية، وما لم تخرج العملية الانتخابية من هذه الدائرة ليحميها القضاة والناخبون أنفسهم، من الصعب أن نتحدث عن انتخابات نزيهة مثلما نتمناها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • AZIZ

    وتستمر الرداءة في كتاباتك وكأنك مرشح حزب معرض أراد السير على نهج الفيس المحل يأخي الإعلامي يجب أن تكون كتاباته كخطب الأئمة يوم الجمعة فكلام الإعلامي والإمام موجه لعامة الناس بمستوياتهم المختلفة من الأمي ال العالم ومختلف الأعراق ومختلف التوجهات السياسية إسلامية وسطية لائكية......أصبحت وكأنك لسان الجزيرة في الشروق مع إحترامي لشخصك ومنصبك...أنشري يا شؤوق.

  • malak

    اذا كانت نوايا الحكومة صادقة عليها وازلامها ان يصدرو قانون تجريم التزووووييييير بدل قانون تجريم الاستعمار . لان تزوير الانتخابات يؤدي الى الاستعمار
    و لكن لمن تقص زابورك يا داوووود
    تحياتنا يا سيد يعقوبي

  • hocine from sweden

    يحمي أختيار الشعب من له مصلحة في تزويره! يعني العاب ولد قابلية والرشام ولد قابلية عجاءب سنة 2012!! صدق أو لاتصدق الحاقيقة هاذه أمام عينيك الذأب يحرس الغنم! روح تفوطي والناتيجة راك عرفها سالفا!

  • rahim rahim

    اذا كنت في بلد يغيب فيه دور المجتمع المدني،.. والسلطة تحتكم الى مبدأ مصلحة الاقوى ، والاحزاب وليدتها ترضع من لبانتها فكيف تريد انتخابات نزيهة.. يا سيدي حين تعلن الدولة: نعم لارادة الشعب ، فهي تقول له ليس في الامكان ابدع مما كان.

  • ام وائل تبسة

    بالتزوير او من دونه لن يكون لنا برلمان حقيقي يخدم البلاد والعباد لاننا مازلنا ننتخب على اساس العرش و الحزب و ليس على اساس الكفاءة و النزاهة فمادام اغلبية المنتخبين اميين سياسيا فقل على الجزائر السلام

  • عبد الله

    هناك انتخابات نزيهة كانت سنة 1991 لكن انقلب على اختيار الشعب وحتى هذه الانتخابات لو يختار الشعب غير الافالان و الارندي و حمس و أحزاب الشيتة و ماأكثرها سيكون انقلاب ثاني لذا لا طائل من هذا الكرنفال الذي نعرفه

  • Kamel

    BRAVO Mr Yakoubi

    Je suis d'accord 100% avec vous et c'est pour ça je ne vais pas voter si le pouvoir ne donne pas la gestion des élections aux gens neutres et ne pas à l'administration du Pouvoir de l'RND et FLN

  • محمد

    الشعب هو من يحمي اختياراته اذا اراد الخروج من هذه الحالة التي هو عليها الان، مهما قيل عن عدد الناخبين المبالغ فيها الى حد الريبة، وتودع الاحزاب التي تقول على نفسها انها كبيرة بترتيب الفائزين قبل يوم الاقتراع... على الشباب ان يشارك بقوة ويحضر عملية الفرز ويسجل الارقام وينشرها على مواقع الانترنت ليفضح اي تلاعب في الارقام ، العزوف ليس هو الحل، مهما كان الامر فهذه جزائرنا بحولها ومرها، اذا اراد الشباب التغيير نحو الاحسن فلابد ان يستجيب القدر باذن الله.

  • محمد

    بارك الله فيك لكن التزوير يمنعه الشعب