-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نجم أفل

نجم أفل

التحقت ورقاء الداعية الدكتور أحمد شرفي الرفاعي بعالمها الأسمى، و وسد جسمه التراب يوم 18 ماي 2014.

لقد كدح الدكتور إلى ربه كدحا، وأدى ـ قدر الاستطاعة ـ ما ائتمن عليه من أمانة التوحيد مذ كان في عالم الذر، فقد شهد عارفوه أنه لم يستنكف أن يكون عبدا لله، تلك العبودية العالمة الحرة، ثم اندفع بعد الرشد إلى تبليغ رسالة الإسلام بلسانه القوال وقلمه السيال، ولم ينكص على عقبيه، بل استمر في ذلك غير منسلخ من آيات الله التي آتاه إياها حتى أتاه اليقين، ولم يشتر بها ثمنا قليلا، ولم يضلل بها.

إن مما امتاز به أحمد شرفي الرفاعي في حياته الفكرية والعملية أنه لم يفرق بين الإسلام والوطنية كما يفعل بعض العلماء والدعاة، ولا شك في أنه متأثر في ذلك بفكر الحركة الإصلاحية ممثلا في رموزها خاصة رائدها وقائد أتباعها وأنصارها الإمام ابن باديس الذي جعل شعار جريدته “المنتقد” (1925): “الحق فوق كل أحد، والوطن قبل كل شيء”، وعاش كما قال “للإسلام وللجزائر”، ولم يأل الأستاذ الرفاعي جهدا في غرس هذه الفكرة في عقول طلابه في مدرجات العلم، وقرائه في الصحف والمجلات، ومستمعيه في المساجد وساحات الدعوة.

 إن عارفي الأستاذ الرفاعي يشهدون بما علموا وبما سمعوا أنه لم يكن متاجرا لا بالإسلام ولا بالوطنية كما فعل ويفعل أدعياء الدعوة  مدعو الوطنية ليحققوا مآرب وينالوا مكاسب، ولذلك لم يكن يهمه ـ فيما يقول ويفعل ـ أن يرضي أحدا من الناس، بل كان همه الأهم و شغله الأشغل أن يرضي الله عز و جل، وأن يصدع بما يراه الحق ولو أسخط الخلق.

 كان الأستاذ ـ رغم لقبه شرفي الرفاعي الذي يدل على الشرف والرفعة ـ متواضعا في غير ذلة، وعزيزا في غير استعلاء، وزاهدا في غير سلبية. وكان ينفر ممن يمكن تسميتهم “القواعد” (على غير قياس)، وهم الذين لا يبلغون ـ لا بمقالة، ولا بدرس، ولا بمحاضرة ـ ما أمروا ـ على لسان رسول الله عليه الصلاة والسلام ـ بتبليغه، حيث قال: “بلغوا عني ولو آية. كما كان يمقت أولئك الذين يراءون الناس، ولا يسترضون رب الناس.

 وقد كان كما عرفناه من أحرص الناس على تجسيد حديث من لا ينطق عن الهوى في بذل النصح لله، ولكتابه، ولرسوله وللمسلمين خاصة وعامة.

 لم يكن أستاذنا كالأنعام يأكل ويتمتع، بل كان صاحب رسالة نبيلة، وكان وفيا لتلك الرسالة ومخلصا لهاتيك المبادئ ولمن يشاركه الإيمان بها والعمل لها، ومن ذلك الوفاء جمعه لتراث بعض علمائنا ونشره في الناس، كالشيخ العربي التبسي، والشيخ أبي يعلى الزواوي، ومبارك الميلي…

 ولمن لا يعرف الدكتور الرفاعي فهو من مواليد أوائل ثلاثينيات القرن الماضي بمنطقة خنشلة، وتعلم في معهد ابن باديس والزيتونة، ومصر والعراق. ثم علّم في ثانويات قسنطينة، وجامعتيها، وتولى مسؤوليات بيداغوجية. ولم يصرفه ذلك عن مواصلة الدعوة إلى الله على بصيرة، وبالحكمة. وقد ترك الأستاذ ما يجعل اسمه خالدا، وهو حوالي ثلاثين مؤلفا ما بين كتاب ورسالة.

 فاللهم أنزل شآبيب رحمتك على عبدك الرفاعي، وتقبله في الصالحين، وأفرغ علينا جميعا جميل الصبر. “إنا لله وإنا إليه راجعون”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
21
  • merghenis

    نتائج البحث على شبكة حول ما كتب الشيخ محمد عبد الكبير البكري عن المرحوم الشيخ البشير الإبراهيمي بعنوان :"دمعة على فقيد العلم و الأدب" و ذلك في 1967 والشيخ الإباهيمي توفي في 1965 . أما ما كان بعنوان " نجم أفل " فذلك عن شيخ آخر.

  • merghenis

    الأخ الكريم، لم تجب على السؤال الموجه إليك : هل كل من كتب مقال بعنوان " نجم أفل" إقتبس العنوان من القصيدة التي تتحدث عنها و كيف تجزم بأن الشيخ الحسني إقتبس العنوان و المعلوم أنه يحفظ القرآن الكريم (ويحفظ الآيات 76/77/78 من سورة الأنعام) ويشهد لها الجميع بسعة معرفته و لا حاجة له باقتباس كلمتين. الله يهدينا و يهديك و السلام.

  • مواطن

    الله يرحمه ويوسع عليه

  • سالمي محمد

    رحم الله الشيخ العلامة واسكنه فسيح جنانه ان لله وان اليه راجعوت .كما اتمنى للشيخ الحسنى طول العمر لان امثاله فى هذا الزمن قلوا اشكرك شكرا جزيل على تعريفنا بفقيدنا

  • أحمد

    لا يعرف قدر ذوي الفضل إلا ذو الفضل فجزاك الله خيرا أستاذنا الكريم .

  • الطيب المغيري

    ان لله و ان اليه راجعون عظم الله اجركم وشكر لكم سعيكم و تغمد الله شيخنا الكريم برحمته وعفوه و اسكنه فسيح جنانه مع الشهداء والصدقيين و حسن اؤلائك رفيقا نحملكم شيخنا الكريم و ورائكم جمعية العلماء المسلمين ان تعرفونا بعلمائنا قبل وبعد ان يافل نورهم و بارك الله لكم في كل ما تقومون به من اجل ديننا و وطننا

  • بدون اسم

    رحم الله علماء الجزائر و في مقدمتهم الدكتور الرفاعي , و يجب التعريف بعلمائنا لغلق الطريق على الفتاوى الغريبة المستوردة من المشرق , فحرائر الجزائر أنجبن ألاف العلماء و لسنا بحاجة لأجانب يعلموننا ديننا و يقومون بتغيير ( لباسنا الجزائري , و لهجتنا , و مذهبنا المالكي , و الرواية التي نقرأ بها القران )

  • الأمير عبد القادر

    كان الشيخ البكري محمد الكبير من أصدقاء الشيخ الإبراهيمي في نهاية الثلاثينيات و فور وفاة الشيخ رثاه بقصيدة "نجم أفل " و الشيخ الهادي الحسني يعرف الشيخ البكري جيدا. ويعرف قدره و علمه وأدبه و مكانته عند الشيخ الإبراهيمي .اسألك أخي الفاضل هل خالطت الشيخ الهادي الحسني وهل جالسته وهل سمعت منه مشافهة وجها لوجه،فربما قال بما قلته أنا ؟وفي الأدب لا ضير أن يقتبس أديب من أديب و يسمى ب"الاقتباس و الأخذ والمعارضة و التناص " .الأحسن ألا تتسرع في الحكم الذي يشبه التساؤل .

  • بدون اسم

    جزاك الله كل خير أخي مولود .
    نفس النص كنت سأكتبه حول الموضوع ، إلى شيخنا الفاضل و حول شيخنا الجليل .

  • يوسف

    السلام عليكم يرحم الله شيخنا الكريم

  • mouloud

    اشكرك كثيرا استاذنا الفاظل على تذكيرنا بعلمائنا الاحياء والموات منهم.
    لكن السؤال الكبير المطروح ، الى متى نضل نفاجاء بفقدان ووداع علمائنا الاجلاء دون ان نعرف عنهم ادنى معرفة ؟؟؟!!!
    وليكن في علمك سيدي انني لاول مرة اسمع بهذا العالم الجليل الداعية الدكتور "أحمد شرفي الرفاعي" رحمه الله واسكنه فسيح جنانه "إنا لله وإنا إليه راجعون".

  • بدون اسم

    اشكرك كثيرا استاذنا الفاظل على تذكيرنا بعلمائنا الاحياء والموات منهم.
    لكن السؤال الكبير المطروح , الى متى نضل نفاجاء بفقدان ووداع علمائنا الاجلاء دون ان نعرف عنهم ادنى معرفة ???!!!
    وليكن في علمك ياسيدي انني لاول مرة اسمع بهذا العالم الجليل الداعية الدكتور أحمد شرفي الرفاعي رحمه الله واسكنه فسيح جنانه "إنا لله وإنا إليه راجعون".

  • merghenis

    يوجد على الشبكة عدد من المقالات كلها بعنوان " نجم أفل". فهل كل الكتاب اقتبسوا من القصيدة المذكورة ؟
    الأحسن ، العودة إلى سورة الأنعام والأيات حيث يوجد الفعل " أفل" .

  • الضرغام

    يرحمة الله.

  • الضرغام

    رحمه الله واسكنه فسيح جنانه.آمين.

  • بدون اسم

    أقول بكل مرارة وحياء ما كنت قبل هذه الأيام الأخيرة أعرف شيئا
    عن الراحل الشيخ أحمد شرفي الرفاعي !!
    كيف يجهل جيل عالما ربى جيلا ؟؟
    إنه ليس كأي أحد من الناس .. بل هو داعية مفكر متعدد المواهب
    في خدمة الإسلام والمسلمين ..وكل من عرفه شهد بما علم ..
    والآن تستحضر ذاكرتي بعض التافهين والتافهات من ( النجوم) الذين
    أنسونا علماءنا و رجالنا .. وعاثوا في الأرض فسادا وإفسادا ..
    والعجب المتكرر أن : أفاضل الناس أغراض لذا الزمن !!!

  • الأمير عبد القادر

    هذا المطلع الشعري اقتبسه الشيخ الهادي الحسني من مرثية للعلامة محمد الكبير البكري غداة وفاة الشيخ الإبراهيمي وسماها :" نجم أفل "

  • محمد من وهران

    بعد التحية، فلا نقول إلا أن كل من ماتو و يموتون و سوف يموتون من أعلام الجزائر في كل الميادين و لم يسمع بهم أحد من عموم الجزائريين هم ضحية الغلق الإعلامي في بلدنا الذي دفع الجزائري إلى التطلع إلى أصوات الخارج فلا تجد جزائريا من شباب اليوم لا يعرف -مع احترامنا لهم- القرنيين و العريفي و علماء آل الشيخ و العرعور و الألباني و الشنقيطي و فوزان الفوزان و غيرهم من "علماء المشرق" لكأني ليس بالجزائر أحد ليأخذ عنه الناس أمور دينهم و أمور غير الدين حتى، بلى و لكنهم همشوا و ظهر بدالهم الغبارطة و أشباههم.

  • بنت عمران

    سلام الله عليك سيدي الفاضل ناسف ان علماء لجزائر افلون وهم احياء وعلماء الغرب خالدون احياء و اموات اقترح ان تسعى سيادتكم الى الجهات المختصة في مجال الاعلام لانجاز حصص مشوقة للنشئ حول علماء الجزائر وعلماء الامة وجزاكم الله خيرا

  • عبد الغني

    افل تور من انوار الجزائر...فمن يعوضه يا ترى رحمك الله يا شيخ واسكنك فسيح جنانه و الهم ذويك و محبيك و تلاميذتك و كل المسلمين الصبر و السلوان ان لله و ان اليه راجعون

  • موسى

    لافض فوك ولاجف قلمك أستاذي الكريم فشيخنا أحمد الرفاعي هامةوقامة في العلم والحلم والكرم والدعوة والوطنية عاش عزيزا لم يتبدل ولم يتغير مذ عرفناه له بيت ورثه من أسرته بمدينة الجهاد خنشله وضعه تحت تصرف جمعية العلماء المسلمين وهومكتبهم اليوم، كان بيته ملجأ لطلبة العلم بقسنطينه لايبخل عليهم بالمساعدة المادية والمعنوية كان من العلماء العاملين المخلصين لدينهم ووطنهم عمل في صمت ورحل في صمت كان لايحب الظهور والأضواء ولاالمناصب والكراسي كريم عفيف متواضع جاهدللإسلام والوطن فرحمة الله عليه