-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نهاية العالم .. بين العلم والإيمان (الحلقة الثانية)

سلطان بركاني
  • 3710
  • 0
نهاية العالم .. بين العلم والإيمان (الحلقة الثانية)

رأينا كيف أنّ العلم الحديث أصبح يتحدّث بيقين عن النهاية الحتمية لهذا العالم، ورأينا أنّ العقيدة الإسلامية ترسّخ هذه الحقيقة وتتحدّث عن تفاصيلها، بدءًا من أحداث آخر الزّمان، إلى أمارات السّاعة الصّغرى، ثمّ الكبرى، ثمّ قيام السّاعة، حيث يأمر الله جلّ وعلا إسرافيل عليه السّلام بالنفخ في الصّور، وبينما الناس يتجادلون ويتخاصمون في أمر الدّنيا إذ بإسرافيل ينفخ نفخة الصّعق في بوق عظيم “مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ – فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُون”..

 تبدأ النفخة ضعيفة فينصت لها النّاس ثمّ تتعاظم وتتعاظم بسرعة شديدة حتى أنّ الرجلين لينشران ثوبا ليشتري أحدهما من الآخر فلا يبتاعانه ولا يطويانه حتى يصعقا، بل إنّ الرجل ليرفع اللقمة إلى فمه فما يطعمها حتى يصعق.. وهكذا يصعق كلّ الناس، وتصعق كلّ المخلوقات: “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه”، تصعق كلّ المخلوقات باستثناء الحور العين والغلمان في الجنّة، وباستثناء إسرافيل وملك الموت عليهما السّلام، ثمّ يأمر الله جلّ جلاله ملك الموت بقبض روح إسرافيل فيقبضها ويموت إسرافيل.

 ويبقى الجبار جلّ جلاله وملك الموت، ثمّ يأمر الله ملك الموت أن يموت فيموت ملك الموت ولا يبقى إلا الجبار جلّ جلاله “كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ – وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَام”؛ ثمّ يطوي جلّ جلاله الأرض والسّماوات جميعا “وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون”، “يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِين”..

يطوي الله السّماوات والأرض ثمّ يقول: أنا الملك أنا الجبار، أين الجبّارون؟ أين المتكبرون؟ أين ملوك الأرض؟. ثمّ يحيي الله تبارك وتعالى إسرافيل عليه السلام ويأمره بالنفخ في الصّور مرّة أخرى، فينفخ إسرافيل في الصّور نفخة البعث، فيقوم المُصعَقون ويخرج المقبورون من قبورهم حفاة عراة غرلا، ينادي الكافرون والمجرمون: “يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُون”..

 تحشر الخلائق جميعا إنسها وجنّها وطيرها ووحوشها خاضعة ذليلة منكسة رؤوسها، ومع هذه النفخة ترتجّ السّماوات والأرض جميعا: “فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ – وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً – فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَة”؛ تبدأ الأرض تتزلزل وتهتزّ وترجف الجبال وتنهدّ وتصير ترابا “يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلاً”، تتزلزل الأرض زلزلة عظيمة تتفطّر لها قلوب الخلائق جميعا: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ـ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ”؛ تذهل المرضعات وتضع الحوامل ويشيب الولدان..

تُبسط الأرض فلا جبال ولا شجر ولا حجر، وتمور السماء وتلتف وتصير بعِظمها فوق رؤوس الخلائق، ثمّ تبدأ تتشقّق وتتفطّر “إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّت”، تنشقّ بصوت يقطّع القلوب، ثمّ تحمرّ وتصفرّ وتذوب وتسيل كما يسيل الدهن  “فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَان”، ثمّ تبتلع الشمس القمر “وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَر”، ثمّ تتكوّر الشمس وتنكمش. تبدأ النجوم تتناثر وتتبعثر ثمّ تنطمس “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ـ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ـ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ـ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ـ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ـ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ”.

بعد كلّ هذه الأهوال تُكسى الشمس حرّ عشر سنين وتدنو من الرؤوس قدر ميل فيكون يوم القيامة؛ يوم مقداره خمسين ألف سنة.

ثمّ يُؤمر بالصحف فتتطاير، فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله، وآخذ كتابه من وراء ظهره، ثمّ يكون الحساب بين الخلائق، ثمّ يُنصب الميزان، لتوزن به أعمال العباد، ويناقش العباد أعمالهم، ثمّ يَعرف كلّ عبد مآله إما إلى الجنة أو إلى النار، ويأمر الله كلّ أمّة أن تتبع آلهتها التي كانت تعبدها، ويُساق الذين كفروا كقطعان الماشية جماعات جماعات إلى جهنّم، فلا يبقى إلا المؤمنون الصالحون والعصاة المذنبون والمنافقون الكاذبون، فينصب الصّراط على حافّتي جهنّم وتُلقى الظلْمة على أهل الموقف، ويُعطى المؤمنون أنوارهم بحسب أعمالهم، ثمّ يؤمر الجميع بالمرور على الصراط، فيهوي المنافقون والمجرمون والعصاة المذنبون في جهنم، ويمرّ المؤمنون الصّادقون الصّالحون كلّ بحسب عمله، وبعد مرورهم على الصّراط ونجاتهم من جهنّم، يُساقون إلى الجنّة زمرا في موكب بهيّ بهيج تحفّه الملائكة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!