-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا يُطوّع العلم للأهواء

سلطان بركاني
  • 3216
  • 0
هكذا يُطوّع العلم للأهواء

إذا كانت كثير من المسلسلات والحصص الغنائية وحصص اكتشاف المواهب والنّجوم توجّه لهدم أخلاق المجتمعات، فإنّ كثيرا من الأفلام الوثائقية التي تنقلها القنوات العربية، وتترجمها ترجمة حرفية، تهدف إلى نشر الإلحاد بين أتباع الديانات المختلفة، وتقرير العقائد البائدة التي تطرح في شكل نظريات علمية، وربّما تقدّم –كذبا وزورا- على أنّها حقائق علمية لا تقبل الردّ!.

تشير بعض الإحصاءات إلى أنّ 50 % من الأفلام الوثائقية التي تترجمها قنوات وثائقية عربية، تتحدّث عن الإنسان الأوّل الذي كانت صورته قريبة من صورة القرد، وتؤصّل للكذبة التي تزعم أنّ البشر كانوا عراة كالحيوانات، ثمّ تطوّروا بعد ذلك وأخذوا يوارون سوءاتهم شيئا فشيئا، وهي الأكاذيب التي تروّج لها كثير من المقالات التي تقدّم تحت عناوين الفكر والعلم، حتى إنّ موقع البحث الشّهير “Google” لا يكاد يظهر في نتائج البحث عن الإنسان الأول سوى صور مشوّهة، صدّقها كثير من شباب الجيل الجديد وأصبحت من المسلّمات عندهم، مع أنّها تصادم آيات صريحة في القرآن الكريم، وتتعارض تمام المعارضة مع سنن الله في خلقه.

عندما خلق الله تبارك وتعالى أبانا آدم عليه السّلام، خلقه في أبهى صورة وأحسن تقويم، في صورة إنسان كامل، وعلّمه أسماء الأشياء، وغرس فيه فطرة ستر العورة، وألهمه كيف يواريها، ولذلك عندما نسي وأكل من الشّجرة التي نهي عنها بدت له سوأته، وطفق هو وزوجه يخصفان عليهما من ورق الجنّة ليغطيا سوءاتهما، لأنّهما لم يعهدا أن تكون مكشوفة، وبعد أن هبطا إلى الأرض، كانا بلباسهما، وهكذا كانت ذريتهما والأجيال التي جاءت بعدهما، وقد كان النبيّ إدريس –عليه السّلام- الذي جاء بعد آدم عليه السّلام، خياطا يخيط الملابس، وهو ما يدلّ على أنّ الملابس في زمنه كانت أشكالا وأنواعا؛ فكيف يقال إنّ الإنسان كان عاريا كالحيوانات، ثمّ بعد ذلك تعلّم كيف يصنع اللّباس ويواري سوأته؟ إنّه الدّجل الذي ينسب زورا إلى البحث التاريخيّ والعلميّ، ويراد له أن يكرّس عقيدة التطوّر المتهالكة.

عندما كان المسلمون قادة الحضارة وسادتها، كانوا يقدّمون نتائج أبحاثهم العلمية للعالم بكلّ أمانة، لكنّ الأمر اختلف عندما نكص الذين جاؤوا من بعدهم عن هذا الميدان، وتولّى علماء الغرب زمام المبادرة وأصبحت ناصية العلوم بأيديهم، حيث بدا واضحا أنّ هناك جهات نافذة تؤثّر في المشهد العلميّ من خلف السّتار، وتريد أن توجّه نتائجه إلى وجهة مرسومة سلفا، هي بالطّبع وجهة الإلحاد ونفي وجود خالق لهذا الكون الفسيح.. الله -جلّ وعلا- أشار في كتابه المعجز إلى أنّ النّظر في الأنفس والآفاق سيقود البشرية حتما إلى الإيمان به وبوحدانيته، فقال جلّ شأنه: ((سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد)) (فصّلت، 53)، لكنّ المتعصّبين في الغرب يريدون للعلم أن يتّجه قسرا إلى الوجهة المخالفة.. نعم، هناك بين الغربيين كثير من المنصفين الذين يشهدون بالحقّ ويتجرّدون في طلبه، وأصواتهم بدأت ترتفع في السّنوات الأخيرة، لكنّ أصوات المتعصّبين لا تزال هي الأقوى، ولا تزال تقدّم على أنّها النّاطقة باسم الاكتشافات العلميّة.

في مجال الطبّ، مثلا، تشير نصوص السنّة النبويّة، إلى أنّه ما من داء إلا وأنزل الله له الدّواء، لكنّ واقع هذا العلم وكتابات بعض المنصفين عنه، تشي بأنّ هناك لوبيات طبية وصيدليّة، تضع حواجز على طريق علماء الطبّ والصّيدلة، تحول بينهم وبين الإعلان عن الأدوية التي من شأنها أن تقضي على بعض الأمراض المستعصية التي تستثمر فيها شركات تصنيع وبيع الأدوية لتحقيق أرباح خيالية، وما قيل عن الطبّ يقال أيضا عن مجالات أخرى، كعلم الفلك وعلم طبقات الأرض، وعلم الأحياء.. وتبقى البشريّة تتطلّع إلى تحرّر العلم من سطوة اللّوبيات المتنفّذة، منتظرة أن تشرق شمس الحقيقة لتبدّد غشاوة الزّيف التي يراد لها أن تحرف مسار العلم وتوجّه العقل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!