-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ومن يقف مع المواطن؟

ومن يقف مع المواطن؟

قال وزير الفلاحة محمد هني، إن الدولة ستقف إلى جانب 90 ألف فلاح، حوّل الجفاف أراضيهم، الممتدة على مساحة تزيد عن مليون هكتار، إلى بور، لا زرع فيها. وواضح، في السنوات الأخيرة، أن الدعم الذي تقدمه الدولة لهذا القطاع الاستراتيجي، لم يسبق أن أتت بمثله، منذ زمن الثورة الزراعية، إلى الآن.. وقد تجلى ذلك في تحقيق الاكتفاء الذاتي، في الكثير من المزروعات، خاصة في الخضر والفواكه، ولكن، من دون وقوف- من ناحية الأسعار- مع المواطن، الذي تحوّلت بعض المنتجات الفلاحية والحيوانية إلى كماليات بالنسبة إليه، على غرار التمور والتفاح واللحوم بأنواعها من أسماك ولحوم حمراء وبيضاء.

ولا نتمنى أن يتواصل الأداء ذاته، لزمن طويل، بين عطاء من الدولة وجفاء من بعض الفلاحين أو الوسطاء، كما حدث في قطاعات عديدة، منها قطاع التربية والتعليم، إذ ظلت الدولة ترفع الأجور، فتراجع الأداء وهُرّب العلم والتعليم إلى مستودعات الدروس الخصوصية، فلا الحكومة استطاعت كبحها، ولا المواطنون ارتاحوا من جشع رواد هذه الدروس، المهرّبة من الإطار القانوني إلى اللاقانون، إذ لا تربية ولا تعليم.

لا يمكن أن يبقى دور الحكومة مجرد “حصّالة” لتصريف الأموال، وأن تبقى الميزانيات السنوية المخصصة لكل قطاع ومنها الفلاحة، لأجل دعم هذه المادة المستورَدة من الخارج، أو تلك، وتعويض الفلاحين بهذا السخاء، من دون وضع الفلاح أمام مسؤولياته، لأجل تحقيق الوفرة والنوعية، والانتقال من الاكتفاء الذاتي إلى التصدير، كما تفعل غالبية دول البحر المتوسط، خاصة بعد أن اكتشفنا مؤخرا، أن الصحراء الجزائرية بإمكانها أن تكون سلة غذاء للقارة الأوربية، ولغيرها من القارات، بقليل من الجهد وكثير من الالتزام والإصرار.

يفضِّل الجزائريون تحويل ما حدث في شعبة التفاح، إلى عالم الطرفة، فيقارنون بين الموز المسافر من بلاد الإكوادور، والتفاح القادم من حدائق بوحمامة وأريس بالأوراس، ويطيرون ويبحرون مع الموز لعدة أيام من قارة إلى أخرى ومن محيطات إلى بحار، ليجدوه بسعر لا يزيد في الغالب عن 300 دج للكيلوغرام، ويسيرون خطوة واحدة مع التفاح، ليجدوه بسعر يتجاوز أحيانا ألف دينار للكيلوغرام، فيأكل أبناء خنشلة وباتنة الموز القادم من هناك، في أعيادهم وأفراحهم، ولا يطالهم من التفاح القابع هنا، أمام ناظرهم، سوى لهيبه.

لم يحدث أن اعترض مواطنٌ، ولو من باب المزاح واللوم، على مساعدات تصل الفلاحين، فقد تميزت مهنة الفلاح بقُدسية خاصة بالنسبة إلى الجزائريين على مرور العصور، فوقف إلى جانبهم وصلى لأجلهم صلاة الاستسقاء، وتكبَّد لأجلهم من نفيسه المالي، في خضر وفواكه ولحوم لم تتوفر قطّ بالسعر والجودة التي يتمناها، ومع ذلك، عفا عن هفواتهم، وهو يدرك أن الفلاحة مثل بقية القطاعات، تمكّن منها الطفيليون الذين تعلو أصواتُهم في زمن الدعم والتعويض، وتختفي في زمن ملاقاة التاجر أو المواطن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!