حقوق الإنسان في الجزائر: اقرأ تفرح… جرّب تحزن؟!
اليوم العالمي لحقوق الإنسان… على بعد أيام وعلى العتبة، ولكن هل حقوق الإنسان في الجزائر ومستوى الحريات الفردية والجماعية يرتقي إلى المعايير الدولية أو المواصفات العالمية المتعارف عليها، أم أنه أدنى من ذلك؟!… للإجابة ـ بصراحة ـ وبدون تدويخ القارئ، مازال هناك المزيد ثم المزيد من العمل والارتقاء والتعزيز والنشر في مجال حقوق الانسان، بداية من نصوص الهيئة المكلفة بها، والضمير الرسمي للمجتمع في هذا المجال… وصولا إلى التدقيق في الممارسة من طرف العديد من الأجهزة النظامية…
- فحقوق الانسان والحريات الفردية والجماعية بالجزائر، حبيسة “الواقع” الملغم، والبيئة المتربع عليها، فتوجد مثلا العديد من “البوتيكات” الحقوقية، والتي تتاجر وتسترزق من ملف حقوق الانسان بعيدا عن كل التزام أخلاقي أو مهني، أي تستعمله كسجل تجاري، وإني قد لا أذكرها لكثرتها، وقد تهتم هذه الدكاكين بمختلف مجالات حقوق الانسان، سواء الاقتصادية منها أو الاجتماعية أو المدنية أو الثقافية… مما عرقل اندفاعية الدفاع عن مختلف هذه “الوجبات” من حقوق الانسان وسيرورتها الطبيعية.
إلى جانب ذلك، فإن انعدام حصر “المواطنة” في المجتمع، و”افتقاره” للثقافة الحقوقية، و”سلبية” تعامل السلطات العامة ـ احيانا ـ مع ملف حقوق الانسان، جعل الجزائر ينظر إليها كالتلميذ غير نجيب في هذا الشأن، إذ تحتل “المراتب” الأخيرة في العديد من مؤشرات نمو الأفراد سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا…!!
فاختلط ”المال” بالسلطة، و”البزنسة” إلى جانب ”الزبونية”، مما جعل تسونامي الفساد يؤثر على مسار حقوق الإنسان بالجزائر.
فعندما تقرأ الدستور الجزائري والنصوص التنظيمية واللوائح… إلخ، تشعر بالارتياح للضمانات العديدة التي يمنحها للجزائري في الحفاظ على حقوقه وحرياته. أما عندما تأتي للممارسة اليومية، فالبند شاسع، وحدث ولا حرج..!! كما ينظر للعديد من المدافعين عن حقوق الانسان “غير الرسميين” بنظرة التخوين، والعمالة، والريبة، مع أنهم جزائريون وليسوا أقل وطنية من الآخرين، بل اختلف “حبهم” للجزائر، فلنرتق بهذه الرؤية السمحاء… في خدمة الجزائر؛ بدون تكالب البعض على البعض.
وأخيرا أصبح من غير المعقول في القرن الواحد والعشرين، أن نتكلم عن بعض الملفات العالقة في مشتملات حقوق الانسان بالجزائر من “اختفاء قسري”، و”تعذيب”، و”الإفلات من العقاب”، و”تجربة الصحافي”، و”استغلال السطات العامة لضرب حقوق الانسان”، والقائمة قد تطول…إلخ.
ولذلك، فلنتعامل بإيجابية مع ملف حقوق الإنسان وتوابعه، سواء من خلال المؤسسات الرسمية، أو من خلال فسح المجال للمجتمع المدني للحراك، فعصر الانترنت، والفيسيوك، وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي، تحتّم علينا تغيير العقليات والمنهج والرؤية والرسالة…
كما أنني أتمنى، أن تقام جلسات وطنية لحقوق الانسان، لطرح كل المواضيع العالقة بشفافية، وفي إطار منظم، والخروج باستراتيجية وطنية في ظل توافق الجمعيات العاملة والمؤسسات الرسمية وبعض الشخصيات الوطنية، وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا، وبالله التوفيق.
oussedik@hotmail.com