-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المعارك‭ ‬الخلفية‭ ‬

الشروق أونلاين
  • 4179
  • 0
المعارك‭ ‬الخلفية‭ ‬

المتتبع للأحداث في الجزائر منذ إعلان السلطة عما أسمته الإصلاحات السياسية، والبدء فيها عن طريق آلية بن صالح، يلاحظ بالعين المجردة، أن النظام الجزائري يتستر وراء هذه الإصلاحات المزعومة لممارسة سياسات أخرى على أرض الواقع، هي العودة بقوة إلى سياسة فرق تسد وزرع‭ ‬البلبلة،‭ ‬كما‭ ‬مارسها‭ ‬منذ‭ ‬الاستقلال،‭ ‬بقصد‭ ‬استعادة‭ ‬أنفاسه‭ ‬من‭ ‬الهزات‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وآخرها‭ ‬هزة‭ ‬جانفي‭ ‬الماضي،‭ ‬المتعلقة‭ ‬بأزمة‭ ‬أسعار‭ ‬الزيت‭ ‬والسكر‭.‬

  • ومن أوضح وأخطر الأبعاد التي تتخذها هذه السياسة حاليا، هي “تحريش” ممثلي السلطة المركزية في المستوى المحلي من ولاة ورؤساء دوائر  ومديرين تنفيذيين على المنتخبين المحليين، حتى وصلت الأمور إلى حد إقدام الولاة على إقامة المحاكمات الشعبية للأميار ونواب المجالس الشعبية، وتأليب المواطنين عليهم، وإيهام الرأي العام المحلي بأن هؤلاء الأميار ونوابهم هم المسؤولون عن كل النقائص والمشاكل التي يعاني منها المواطنون، مع أن العام والخاص يعرف أن هؤلاء الأميار مجردون من أية صلاحيات، ولا يملكون مفاتيح السكنات التي توزع هذه الأيام هنا وهناك، وتثير الفوضي وأعمال الشغب والتخريب، وتؤدي إلى الاعتقالات والإقدام على الانتحارات، حتى أصبحت البلاد أشبه بساحة حرب يختلط فيها الحابل بالنابل، ويبدو فيها الأميار وكأنهم هم أسباب كل شيء، رغم أن الماسك بزمام الأمور في كل الميادين، وخاصة منها في ما يتعلق‭ ‬بمفاتيح‭ ‬السكن،‭ ‬ليست‮ ‬بين‮ ‬أيدي‭ ‬رؤساء‭ ‬الدوائر‭ ‬والمسؤولين‭.‬‮ ‬وإنما‮ ‬هم‮ ‬التنفيذيون‭ ‬بالولايات‭ ‬الذين‭ ‬بأيديهم‭ ‬القرارات‭ ‬ووسائل‭ ‬تنفيذها‭ ‬والأموال‭ ‬اللازمة‭ ‬لكل‭ ‬المشاريع‭.‬
    وإن تدهور الأوضاع إلى هذا الحد، بالتوازي مع الإعلان عن الإصلاحات المذكورة والبدء في تطبيقها، يعني أن الأحوال ليست على ما يرام إطلاقا، وتكشف أن الأزمة المعششة في أوصال الجزائر لا تتعلق بأسعار الزيت والسكر فحسب، أو في غياب العدالة في توزيع السكنات، ولكنها تتعدى ذلك إلى أمور أوسع وأعمق، لا يريد النظام الخوض  فيها، لأنه لا يريد أن يتزحزح أو يتنازل عن المصالح التي تربطه بكرسي السلطة، لذلك فهو يعمد إلى خوض المعارك الجانبية والخلفية، التي لا يمكن أن تؤدي سواء إلى العواقب الوخيمة على المستوى السياسي والاجتماعي، وحتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬نظرا‭ ‬لما‭ ‬تلتهمه‭ ‬هذه‭ ‬المعارك‭ ‬يوميا‭ ‬من‭ ‬الأموال،‭ ‬وما‭ ‬يتعرض‭ ‬من‭ ‬منشآت‭ ‬للتكسير‭ ‬والتدمير‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الشغب‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تصرفات‭ ‬يومية،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬البلاد‭.‬
    النظام يحاول في كل هذا تفادي ما حدث ويحدث لبعض الأنظمة العربية، ولكن ما يؤسف له هو انه يرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبتها هذه الأنظمة، مما قد يجعل النتائج هي نفسها على الرغم من اختلاف الظروف والأوضاع، رغم كل الوعود التي قطعت، والأموال التي صرفت لتفادي هذا المصير‭.‬
     
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!