-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رجاءً.. أعيدوا القرار إلى الشعب

حسين لقرع
  • 2856
  • 12
رجاءً.. أعيدوا القرار إلى الشعب

لن تكون للصراعات التي تحدث في أعلى هرم السلطة هذه الأيام، أيُّ فائدة للبلد إلا إذا اقتنعت السلطة بمختلف أجنحتها، بأن حلّها الوحيد يكمن في رفع الوصاية عن الشعب، وتعيين من يحكمه رغماً عنه، ونبذ ذهنية احتكار الحكم والخلود فيه، والسير نحو إقرار الديمقراطية الحقيقية في البلد.

قادة الجيش والأمن مخطئون باحتفاظهم بـ”حق” تعيين الرؤساء منذ 1962 إلى الآن، والاكتفاء بدعوة الشعب في كل مرة إلى تزكية من يختارونه له، وإذا كان ذلك مبرَّرا في السنوات الأولى للاستقلال بالحفاظ على وحدة الدولة الفتية وتماسكها، فأي عذر نلتمسه لهم الآن بعد مرور نصف قرن على الاستقلال؟

أما الرئيس بوتفليقة، فقد وقع في خطأ جسيم حينما قام في 2008 بتعديل دستور زروال، الذي يحدِّد عدد العهدات الرئاسية باثنتين فقط، وهذا ليتمكّن من الترشح لعهدة ثالثة وربما رابعة، وقد كانت تكفيه ولايتان رئاسيتان، ثم يترك بعدها المجال لرئيس آخر، والجزائر لم تعقم عن إنجاب رؤساء في مستواه أو أفضل منه.

إذن ما الفرق عملياً بين ممارسة الوصاية على الشعب من خلال تعيين الرؤساء له بدل تركه يختار من يشاء بكل حرِّية وشفافية، وبين احتكار الرئاسة مدى الحياة والرغبة في الترشح لولاية رئاسية رابعة حتى في ظل ظروف صحية صعبة؟

هذا السؤال موجّهٌ بالدرجة الأولى إلى سعداني، الذي يتحدث عما يسمّيه عرقلة الجنرال توفيق، لـ”الدولة المدنية”، وهو في نفس الوقت يدافع عن خلود الرئيس بوتفليقة، في الحكم حتى وهو مقعَدٌ على الكرسي، عوض أن يدعو إلى إقرار الديمقراطية الحقيقية وتداول الحكم.

لقد تعرّض آخرُ استحقاقين انتخابيين إلى تزوير فاضح لصالح جبهة التحرير، وعصف ذلك بكل أمل في إنجاح “الإصلاحات” التي وعد الرئيسُ بوتفليقة، الشعبَ بها في مارس 2011، ولكن سعداني الذي كان أحد قادة الجبهة سكت عن ذلك لأنه في صالحها، ولو كان حريصاً على “الدولة المدنية” لرفض تلك الجريمة الشنعاء بحق الديمقراطية، والتي قضت تماماً على آمال ملايين الجزائريين في إمكانية حدوث تغيير حقيقي بطريقة سلمية وديمقراطية حضارية، ولرفض توجيه أصوات الأسلاك النظامية لصالح حزبه، ولذلك يُعدّ حديثه الآن عن “الدولة المدنية” حقا يُراد به باطل، ولو تحدث عنها آيت أحمد وجاب الله وطالب الإبراهيمي وغيرُهم لصدَّقناهم، أما رئيس الحزب ــ الغطاء للسلطة الفعلية ــ فهو آخرُ من يحقّ له الحديث عن الموضوع.

صحيحٌ أن البلاد ليست بحاجة إلى التسيير الأمني للسياسة والأحزاب والانتخابات والاقتصاد والإعلام والجمعيات، والهيمنة على المجتمع ككل ومراقبته، ولكنها ليست بحاجة أيضاً إلى رؤساء يريدون احتكار الحكم مدى الحياة، ويقومون بإضعاف المعارضة ومختلف مؤسَّسات الدولة ليحكموا وحدهم، وكل من عارضهم وجب إزالتُه من الطريق بأيِّ وسيلة، حتى ولو وضع ذلك البلادَ على كفّ عفريت.

ينبغي أن يقتنع النظام، بمختلف أجنحته، بالكفّ عن الممارسات الاستبدادية الفاسدة القائمة منذ نصف قرن، والسماح بالذهاب إلى ديمقراطية حقيقية تعود فيها الكلمة إلى الشعب وحده في كل استحقاق انتخابي، إلى أن تترسّخ الممارسة الديمقراطية، ويصبح تداولُ الحكم بين السلطة والمعارضة أمراً عادياً.

يجب أن يقتنع النظامُ الحاكم منذ نصف قرن، بأن الانفتاح على الديمقراطية الحقيقية، وقبول تداول الحكم ضرورة حتمية لا بدّ منها، وهي أفضل آلية لحل الصراعات حول السلطة بطرق حضارية، والحفاظ على أمن البلد وتماسكه واستقراره، وقد سبقنا الغربُ إلى هذه الآلية فنجح، ويجب أن ننتهج نفس الأسلوب، عوض أن نتشبّث بنفس السياسات الاستبدادية القائمة منذ نصف قرن، ونعرّض البلد إلى مخاطر كبيرة قد لا تُحمد عقباها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • رياض

    الشعب ليس مستعد للانتخاب هي حقيقة مرة لكنها دواء
    لمن يستوعبها بكل واقعية نحن لسنا بحاجة الى انتخابات
    نحن بحاجة الى اثباتات تلغي كل تلك الشوائب و الاشكالات
    اداء الامانة الى اهلها العدل و مكافحة كل اشكال الفقر
    لا شيئ على ما يرام
    كيف و لماذا هناك فقير في هذه البلاد
    اخبرني لماذا هناك محتاجين و لماذا هناك اثرياء ??!!

  • عبد الحي

    من الناحية النظرية،لابد من وجود : محكومون وحاكم (أو حكام ). الحاكم (أو الحكام ) يوصله إلى سدة الحكم المحكومون. الحاكم (أو الحكام) بعد إنتهاء فترة حكمه يحاول إقناع المحكومين إلى تجديد الثقة فيه مرة أخرى بينما غيره (أي المعارضة) يعمل جاهدا إلى إقناع المحكومين إلى أن يوصله إلى سدة الحكم لينعم بالعيش الرغيد الذي وعده به. والوسيلة المعروفة هي الاقتراع . ولكن ما هو بديهي ومنطقي ومقبول عقلا أن يفوق عدد المصوتين أكثر من نصف عدد الناخبين ولو بواحد ، وإلا كنا أمام ألا منطق فكيف يحكم والأغلبية غير راض

  • جزائرية

    ياهذا---الكاتب----الشعب---مغلوب--امرة---وبنا-رئيسسس-شاب--يبث-الذماء---الجذيذة--فى--الشباب--اللة--ينقذنى---من-جماعة--طاب--جنانو

  • وليد

    عذرا أستاذي يبدوا لي أنك متأثر جدا بالمشهد المصري والتونسي تحاول إسقاطه عن الجزائر مقالك فيه الكثير من المغالطات أرجوا أن تعيد تصحيحها لان الوضع في الجزائر يختلف تماما عما هو موجود في الدول الاخرى فالجزائر خطت خطوات كبيرة نحو الأفضل تذكر وضع الجزائر في التسعينات ووضعها في الألفينيات وضعها وحاليا في كل الجوانب :سياسيا، إقثصاديا ،إجتماعيا........دراسة مقارنة ستعرف تقييمك بكل شفافية .

  • amin

    ....... الشعب يعرف عن عمال النظافة أكثر مما يعرف عن مرشحيه .... الشعب يشتاق الى عمال النظافة ولا يكثرت لكلام المسائيل على شاشات التلفزيون ....أتعرف لما لانهم يعرفون انا موسى الحاج والحاج موسى .و أن عامل النظافة إن غاب ستتسع مساحة الاوساخ ..... أما المسؤول فإن حضر توسعت المساحة السالفة ....... فمن قال لك أنهم يعينون الرئيس رغما عنا هم يختارون مرشحا على طريقتهم و فوز الرئيس كان بصوت الشعب فلا تكتب من الغيب و من همسات مقاهي المعارضة ..... و لا تكتب بأصواتنا و اكتب بصوتك

  • شامل

    المشكل في الجزائر ان الكل يريد السلطة لخدمة مصالحه سواء كان مؤيد او معارض و الدليل غيابهم في الميدان الدعوي و الخيري

  • المستغانمي

    ان سياسة الاستخفاف بالعقول قد بلغت الحلقوم ومن الشعب من غرق في وحل هذه السياسة حتى ركبتيه ومنهم من الجمه الاستخفاف الجاما فسكت عن الكلام المباح وترك الساحة لمن حصلوا على شهادة عليا في المداهنة والتملق وصارت الكلمة المسموعة لمن زكي امينا عاما لنقابة الكذابين الذين حصلوا على اعلى الشهادات من جامعة ابليس *ان الداعين لعهدة رابعة لا يدعون اليها حبا في الجزائر ولا حبا في بوتفليقة ولكن خدمة لمصلحة خاصة هم يخافون ان يفقدوه ادا تغير راس النظام .ان التزويروقراطية لا يمكن ان تاتي بنظام يخدم الشعب ابدا

  • سايب شريفة

    لا اثق في قرار الشعب بكل صراحة لانه ليس اهلا حتى في تسيير بيته او التحكم في اسرته و اذا طرحت عليه هذا الموضوع على طاولة الحوار لوجدت فكره مثل الصخر ويعلى فيه الصوت و العياط و يمكن ان نخرج من هذا الجدال بخسائر فادحة الترك احسن و خلي الخلق للخالق
    المهم انا شخصيا نغسل يدي من هذا الشعب

  • ABDALLAH

    الدولة لا تبنا بالانتهازيين و الظالمين و الجهلى

  • بدون اسم

    المشكلة الكبيرة في ما يسمى جمهوريات الموز هو ارتباط المصالح الشخصية الضيقة للمسؤلين الكبار بمصالح مصيرية وهامة للامم التي يحكومونها فرئيس عندنا اصبح غطاء حصين محصن لجماعات النهب والسلب وهم يديرون ميزانيات فلكية يحولون اجزء هامة تتبخر في مهب الجيوب ارصدة البنوك المشكلة الكبيرةلدى هولاء انهم لايعرفون ان الشعب يعرف ويغضب ويثور لكنهم يتعمدون الاغفال انهم لايعرفون وهم يستفزون الشعب الذي يرى مبالغ فرعونية تقسم غنائم بينهم وهو يعاني ما يعاني.

  • صالح

    رجاءا لا تعيدوا القرار الى الشعب فقد يورطنا اكثر من التسعينات الشعب يا سيدي في غالبيته المطلقة امي من جميع النواحي وينخدع الى المظاهر وخاصة الدينية منها فان نبقى تحت حكم العسكر خير بالف مرة ان نقع تحت حكم الاسلاميين الظلاميين ولا تقولن لي ان هنالك خيار اخر فالديمقراطيين المتنورين ليس لدهم شعبية في بلادنا ولو بنسبةواحد في المية

  • بدون اسم

    يا حسراه ...حتى يلج الجمل في سم الخياط...لا يوجد حل ليحكم الشعب نفسه إلا بتصحيح ثوري جديد على طريقة بومدين رحمه الله .