-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كمشة تنتصر على الدولة في غرداية

حسين لقرع
  • 4683
  • 5
كمشة تنتصر على الدولة في غرداية

ما الذي يجري بالضبط في غرداية؟ وما هي الأسباب الحقيقية لهذه الفتنة؟ وما هي الأطراف التي تقف وراءها وتغذّيها؟ وما هي أهدافها؟ أسئلة محيِّرة يطرحها 38 مليون جزائري باستمرار وهم يتابعون بـ”صدمة وذهول” أخبار المواجهات التي تحدث منذ 21 ديسمبر الماضي إلى الآن في هذه المنطقة التي حفظت للوطن وحدته بالأمس وأبطلت مؤامرة دوغول لتقسيم الجزائر، وتستحق بالتأكيد وضعاً أفضل من تركها تحترق بنار الفتنة العمياء.

كيف تستطيع كمشة من “الملثمين” مجهولي الهوية أن تبسط سيطرتها على المدينة وأن تشعل الفتنة في أي وقت تشاء؟ أين الدولة، ولماذا تُعجزها شرذمة من “الملثمين” وتسمح لها بأن تنتصر عليها؟

الدولة التي انتصرت على الجماعات الإسلامية المسلحة في التسعينيات على شراستها وشدة بأسها في القتال، وأنهتها عسكرياً، وتمكّنت أيضاً من ترويض “عروش” منطقة القبائل بعد 4 سنوات من الاضطرابات والمظاهرات.. كيف تُهزم الآن أمام مجموعات محدودة من المنحرفين وتجار المخدرات وتسمح لهم ببسط سيطرتهم شبه المطلقة على غرداية؟ 

شهاداتٌ كثيرة لسكان غرداية تتهم صراحة “الملثمين” بالوقوف وراء تجدُّد الاشتباكات في كل مرة، من خلال الانتقال، على متن دراجات نارية وسيارات، من منطقة إلى أخرى ومهاجمة البيوت والمحالّ وسيارات المواطنين وأملاكهم بالزجاجات الحارقة، وكذا مهاجمة الشبان بمختلف الأسلحة البيضاء، وبعد أن تشتعل نار الفتنة ينسحبون بسرعة ليتركوا السكان يتناحرون، وقد قدَّم هؤلاء استغاثاتٍ كثيرة للسلطات ودعوها مراراً وتكراراً إلى التدخل الحاسم ووضع حدّ للمهزلة وإيقاف الجناة وحماية الأرواح والأملاك وتأمين العائلات، ولكن لا حياة لمن تنادي؛ فها هي العصابات تشعل النار مجدداً فيسقط قتيلٌ ثالث، ثم رابع في ظرف يومين فقط، وها هي عشراتُ البيوت تُحرق لتنزح العائلات من منازلها إلى المدارس والمساجد، وقد امتلأ أطفالُها رعباً وهلعاً مما يحدث.. ما يدل على عجز فظيع أمام مؤججي الفتنة الذين فرضوا منطقهم.

أرواح الناس وبيوتهم وأملاكهم ليست لعبة، وعلى الدولة أن تتحمل مهامها الدستورية وتحمي الجميع دون استثناء، الأمن أحدُ مهامها الرئيسة، ولا يُعقل أن تفشل في بسطه وفرضه وأن تتركه للمواطنين للقيام بذلك من خلال “لجان يقظة” أو ما شابه ذلك، ماذا يفعل مئاتُ الآلاف من رجال الأمن والدرك في البلد إذا كان سكانُ جزءٍ من الوطن يتكفلون بأمنهم بأنفسهم؟ 

كلامٌ كثير يدور حول مسألة عصابات “الملثمين” هذه منذ أسابيع دون أن تجد السلطات لها حلا، ما يثير الكثيرَ من الريبة والشكوك، فهل صحيح أن هذه الكمشة من المنحرفين قد أعجزتها وأعياها أمرُها؟ أم أن في الأمر “إن” وأخواتها وخالاتها؟…

الأوضاع خطيرة ومرشحة للخروج عن السيطرة إذا لم تتحرَّك السلطات بكل جدية وحزم لفرض الأمن والقبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة، المسألة لا تتعلق بشغب مئات من البطالين المتظاهرين كما يحدث بمناطق أخرى، بل بمواجهات متصاعدة يُراد لها أن تتحوّل إلى فتنة عرقية “مزمنة” في المنطقة، ويجب مضاعفة الجهود الأمنية لوضع حدّ لها قبل أن تتراكم العداواتُ والأحقاد ويفوت الأوان. 

 تُرى، ألم تشعر السلطات بالخجل وهي تسمع تصريح ذلك الأب المفجوع في ابنه الشاب الذي قُتل الثلاثاء الماضي وهو يعتبر مقتله فداءً للوطن ويتمنى فقط استتباب الأمن وانتهاء الفتنة وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 21 ديسمبر الماضي؟ لقد سقط هذا الشاب وثلاث ضحايا آخرين بسبب تقصيرها الأمني.. والمطلوب الآن هو مضاعفة الإجراءات الأمنية للحؤول دون سقوط المزيد من القتلى واتساع نار الفتنة، ولعلّ الإجراءات التي أعلنها وزيرُ الداخلية الخميس الماضي كفيلة بتهدئة الأوضاع إذا أُحسنَ تطبيقُها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • الحقيقة

    السبب الأول والأخير هو أنه بعد عزم الدولة -الوالي الأسبق- على تضييق الخناق على إرهاب المخدرات لم يجد هؤلاء الشردمة إلا أن يثيرو الفتنة .

  • بدون اسم

    و من المؤسف أنه لحد الآن لم نسمع عن إستقالة أحدهم بعد مقتل 4 مواطنين

  • JEAN

    قال الله الجبار المنتقم العظيم "و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب سبنقلبون"

  • ahmed

    جزاك الله عنا كل خير استاذنا . والله ستبقى احداث غرداية وصمة عار في جبين الدولة

  • أيوب الصابر

    إذا كان عدوك نملة فلا تنم له ، ومعظم الشر من مستصغر الشرر , فكلمة "كمشة "من هذا القبيل والعود لتحقرو يعميك هي أمثال تنطبق على معالجة المسؤولين للأزمات التي تعصف بالبلاد ،ألم يقل سلال عن إحتجاجات الجنوب بأنهم شرذمة؟ وعندما كان الإرهاب الممنهج يحصد آلاف الأرواح من أجساد الشعب البسيط كان المنعمون في القلاع الآمنة يقولون بقايا الإرهاب، اليوم ما يحدث في غرداية هي خلاصة ما أراده النظام لينعم في سلام من خلال تساهله مع تجار المخدرات وتسامحه مع المجرمين وسراق المال العام وتهميشه للجنوب الكبير وسكانه .