ومع ذلك..تسير!

ليس كل ما هو موجود، يمشي على قدم، بفعل القدم، وليس كل ما هو كائن يمشي، يمشي على ساق، بفعل تبدل الأنساق ووضع الساق على الساق.. وقيل من راق! الآلة تسير ببطء شديد كأية سيارة قديمة من نوع سيارة “عبد القادر المازني” “المقرقبة”: تقف كحمار الشيخ في العقبة.

قال لي الميكانيكي الذي كلفته بإصلاح ما أفسده الدهر! : سأغير الموطور بأكمله، أما “الهيكل” فبصره من حديد! سيارة من نوع 203 من مواليد 1954. أول “فيدانج” لها كان في 5 جويلية 1962، ثم وقع للسيارة حادث “انقلاب” في 19 جوان 1965. انقلبت ولم تتضرر كثيرا، بعد ذلك، بدأت “تأكل الزيت” في ربيع 82، فبدلت لها الزيت زيت المائدة، بزيت القبائل..تحسنت أحوالها وصارت تكح وتعطس بعد أن كانت تشخر، ولم تتوقف إلى غاية أكتوبر 88، عندما “احترق لها جوان دكيلاس”، فغيرت لها المعدات من بيسطونات وشوميز وبيالات، وكوسيني وحتى الفيلبروكين! كل قطعة غيار كانت مأخوذة من الخردة: بيسطونات سطافيت، بيالات سيمكا 1100، ليشوميز “سنونيتكس”، “الفيل بروكين” مأخوذ من سيارة جيب أمريكية، الموتور تحوّل إلى صوت تراكتور! كان يكح ويعطس فصار ينبح وأحيانا ينهق وأخرى يعوي، خاصة في”العقبة”!

هذه المرة، جئت بميكانيكي جرارات تحوّل إلى فنان في تطويع السيارات القديمة وإبقائها على قيد الحياة، تنبح وتعوي، تخور، تثغو، تصهل وتزأر، لكنها تمشي.. قال لي: هذا الـ 203، بعد الآن هي 302! موديل جديد! بغل بمواصفات 20 عودا وحمارا و4 ثيران، لقد غيرت لك الديركسيون، بحيث صار بإمكانك أن تسير للخلف عندما تريد أن تسير إلى الأمام. العجلات الأولى مرتفعة عن مستوى العجلات الخلفية، يعني يمكن لك مع السرعة في الطريق السيارة إذا تجاوزت 150، أن تقلع كالميغ! مقاتلة شرسة، يمكنك أن تتفاوض مع سلطات المطارات لاستخدام مطاراتها، لا تنس أن معظم قطعها، مستلفة من سيارات عسكرية من نوع جيمسي وجيب! أنا أول من أدمج جينرال موطورز مع رونو، فأنتجت “رونوطورز” لهذا تراها تصيح: “موطررررززز” عندما تقلع، بعد أن كانت تقول “تشغغ تششغ شيين”، لأنها كانت مزودة بتوليفة صينية فيتنامية اشتراكية، خاصة وأنها صنعت سنة 1954، سنة ديان بيان فو(ثم راح يترحم على زعيم المعركة الجنرال جياب الذي وافته المنية قبل أيام)..هذه هي السيارة التي تسير بقدرة قادر.

وأفيق من نومي وأنا أكح وأعطس كسيارة المنام.