-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الكيان يغرق في غزة

الكيان يغرق في غزة

يبدو أن جيش الإبادة الصهيوني لم يدرك بعد استحالة القضاء على شعب بأكمله مهما كانت درجة دمويته. للمرة الرابعة، يعتقد أنه أنهى عملياته الإجرامية بمحيط مجمع “الشفاء”، وللمرة الخامسة وأكثر، سيعود من دون أن يصل إلى مراده، لسبب بسيط أنه لا يدرك أن الإبادة الجماعية إنما وحّدت الدم الفلسطيني أكثر من الماضي، وأن هذا الشعب إذا ما كان قد خسر عشرات الآلاف من أبنائه، فإنه أثبت للعالم وجوده ورفضه الخضوع إلى الاحتلال الصهيوني.

ولهذا السبب بالذات، تلجأ إدارة جيش الإبادة اليوم إلى استهداف عائلات بعينها تصنّفها ضمن الأعداء في محاولة لكسب القضية أو لاستمالة عشائر تسعى لتغيير إستراتيجية التدمير الشامل التي كانت تستهدفهم؛ أي أن قادة الكيان يتفطنون أخيرا وبعد كل الجرائم التي ارتكبوها إلى أنهم في حاجة على الأقل إلى جزء من الشعب يعترف بهم، ولذلك، تجدهم يلجأون إلى طريقة الإجرام الاستعمارية التقليدية القائمة على محاولة إبراز أن المقاومة هي نتيجة دور بعض  العائلات وبعض التنظيمات وليست نتيجة إصرار شعب بكامله على حريته. وقد برز هذا الأسلوب الماكر في التعامل مع المقاومة في غزة بعد فشل كافة الأساليب الأخرى في إحداث انقسامات بين الفلسطينيين داخل القطاع، وهي المرحلة التي تؤرّق العصابة الإجرامية الصهيونية التي ترتكب المجازر يوميا في القطاع وتعجز عن الخروج منه سالمة أو منتصرة كما تحلم.

للمرة الألف، يتأكّد أن التدمير والتخريب والقتل الممنهج لا يؤدي أبدا إلى تجسيد الهدف السياسي المنشود، بل العكس هو الصحيح، فكلما زاد إجرام الصهاينة، ابتعدت فرصة إيجاد ممثل “شرعي” يقبل التعامل مع  جلّاديهم. وهو ما يعبّر عنه الكاتب الأمريكي “كريستوفر كولندا” في كتابه “النصر بمجموع صفري”

Zero-Sum Victory الذي يتحدث فيه عن حروب أمريكا السابقة، إذ رغم تدميرها للعراق وأفغانستان، لم تتمكن من ترك حكومة شرعية موالية لها في كلا البلدين، بل العكس هو الذي حدث.

الشيء ذاته يتكرر اليوم في غزة، لن يتمكّن الصهاينة، وإن دمّروا كل القطاع، من تنصيب حكومة تكون في الوقت ذاته شرعية وموالية لهم، فبعد معركة “طوفان الأقصى” وهمجية العدو الصهيوني التي ستبقى عالقة في أذهان كل فلسطيني وكل شعوب العالم، ستكون كل حكومة موالية للكيان فاقدة للمصداقية غير قادرة على تحقيق المبتغى من شنّ حرب الإبادة على غزة. ومنه، تصبح أهداف القتل والتدمير والتخريب بلا معنى، ولا يمكن اعتبارها نصرا سياسيا أو حتى عسكريا.

وقد بات مجمّع “الشفاء” وما يدور حوله من معارك طاحنة رمزا لهذه  الحالة، ففي الوقت الذي يعتقد الاحتلال أنه طهّر المنطقة وبات سيّدا عليها وسيضع من يشاء على رأسها، تخرج من تحت الرماد القوى الفلسطينية ذات المصداقية  والشرعية لإدارة الوضع على كارثيته، وتنجح في ذلك من دون أدنى إمكانات، ولذلك، يعود العدو الصهيوني المرة بعد الأخرى إلى المستشفى ذاته وإلى الأماكن ذاتها بالتدمير والتخريب، وسيستمر في ذلك إلى أن ييأس وينسحب على أمل أن ذلك يوقف استنزافه الدائم ويعفيه من البقاء الدائم في عين المكان.

لذلك نقول: لن تكون نهاية الحرب العدوانية على غزة وفي الضفة إلا بهذا الشكل، ولذلك، أعلن وزير الخارجية الأمريكي في نوفمبر الماضي أن الكيان سيغرق في رمال غزة، وأعاد تنبيه القيادة الصهيونية في جولته الأخيرة إلى هذا الأمر.. وستكون هذه هي المحصّلة الأخيرة للعدوان على غزة مهما كانت درجة التدمير الحاصلة في القطاع.. لن يتمكّن أبدا الصهيوني ولا الأمريكي في اليوم التالي لما بعد الحرب من إيجاد حكومة موالية لهما تسيّر القطاع كما يتوقعون، بل العكس هو الذي سيحدث؛ كل الإشارات اليوم تبيّن أن غزة ستستمر بؤرة حرب ضد الصهاينة ما لم يعترفوا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وبهذه الكيفية التي يدير بها القادة الصهاينة عدوانهم، يمكن لهذه الحرب أن تستمر ليس أشهرا، إنما سنوات حتى ينال أصحاب الحق حقهم.

ولنا في تجارب العالم عبرة لمن يعتبر…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!