-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تخاريف

عمار يزلي
  • 3836
  • 0
تخاريف

أفقت صباحا على أصوات تشذيب أغصان الأشجار في الحديقة الخلفية للبيت “الأبيض” الصغير بين المروج. سارعت إلى معرفة الأمر، فإذا “مجلس من شيوخ” القرية يقومون بقطع أغصان الشجر. حاولت أن أعرف، فلم أجد من يخبرني. فهمت فيما بعد أن “الأشجار قد تفرعت وحان قطافها”. أفهمني شاب من القرية أن “الربيع” قد انتهى وحل الخريف وقريبا فصل الشتاء، وفصل الصيف قد مر. قلت له: أعلم هذا، لكن لماذا “زبر الأشجار” في الخريف؟ قال لي: هذا ما قرره مجلس شيوخ القرية بعد أن اجتمعوا في مؤتمر “السقيفة” (سقيفة بني مسعود) وقرروا أن يسترجعوا مناصبهم وسلطتهم التي اغتصبها حسبهم “بزاوز” وذراري من أراذل الناس. قلت له: خريف عربي تقصد؟ قال لي: بالضبط! خريف الغضب كما كتب حسنين هيكل الذي يدعم اليوم خريف غضب جديد ضد ربيع الغضب الذي اتضح حسب جماعة الخريف “ثورة الربيع” لم تكن سوى مؤامرة أجنبية، تركية دينية لسلب الشيخ مكانتهم وأموالهم وديارهم وقواعدهم.

تركت الشاب يتحدث، واقتربت من ثلاثة من شيوخ البيت “الأبيض” المتوسط الذي كان يتوسط غابة من الأشجار المثمرة: تين، وعنب! قلت لهم بعد أن ألقيت عليهم السلام، فلم يرد أحد السلام، فيما اكتفى واحد منهم بالتعقيب على سؤال: لماذا لا يرد أحدكم السلام؟ قائلا: السلام، يجيب الكلام، والكلام يجيب الكرموس! قلت له: التين والعنب قد جفا تماما، من عهد أبي تمام، ماذا أنتظر منكم؟ أريد فقط أن أسأل: أمازلتم تنوون زبر كل هذه الأشجار في هذا الفصل، ولماذا؟ أهذا وقت الزبر؟ رد علي واحد منهم مهددا: هذا وقت “الزبربر”! ألا ترى ما يحدث حولك في العالم؟ الزبربر! هؤلاء الشباب لا خير فيهم، يأكلون الغلة ويسبون الملة، ونحن كنا قديما نقول: غرسوا فأكلنا، ونغرس فيأكلون! أما الآن فقررنا أن لا نغرس حتى لا يأكلوا ولا يأكلون، فيغرسون! قلت له: وأنتم ماذا ستأكلون؟ قال لي: كل واحد فينا قد غرس جنانا خارج القرية، أما هذا البستان، فهو جالب للمطامع، ولولاه لما قام هؤلاء “المبزز” بالانقلاب على سلطة الآباء والأجداد والفراعنة الشداد.

استدرت إلى الخلف، وإذا بجرافة مقبلة، وقد جاءت لمساندة مجلس شيوخ القرية لاستئصال الأشجار.. من الجذور!

وأفيق من نومي مرعوبا من توقع هزات قادمة من البيت الأبيض وانتهاء إلى أدغال إفريقيا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!