-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سوء تسيير وسوء تسييس

سوء تسيير وسوء تسييس
ح.م

تتأكد لي، مع مر الأيام، تلك المقولة الخاصة بشأن تصنيف الدول، أنه لا توجد دولٌ متقدمة وأخرى متخلفة، أو دول رأسمالية وأخرى شيوعية، أو غيرها من التصنيفات… إنما توجد دول مُسَيَّرة بطريقة جيّدة أو ممتازة وأخرى مُسَيَّرة بطرق ضعيفة أو كارثية.
جاء في تقرير مجلس المحاسبة الصادر في الأيام القليلة الماضية ما يُعزِّز هذه الفكرة. كل العبارات التي استخدمها بعيدا عن الأرقام والإحصائيات التي عزز بها أحكامه، تدل على ضعف التسيير في بلادنا إن لم نقل على كارثيته. تحدث التقرير عن “تجاوزات بالجملة”، عن “سوء استغلال وسوء تصرف في الأملاك العمومية”، عن “التعاملات غير القانونية”، و”ضعف أو غياب نظم الرقابة” و”منح المزايا” و”عدم الامتثال للقواعد” و”عدم عصرنة الخدمة العمومية”… إلخ. أي إنه أكد لنا بصفة رسمية هذه المرة أن بلادنا مازالت دون مستوى الرشادة في الحكم، بعد أن كنّا نُعايش ذلك بصفة فعلية.
وإذا أضفنا إلى هذا تفشي الفساد والرشاوى على مستوى الإدارات والمؤسسات، ماذا يبقي لنا أن نقول في مجال حسن التسيير والتدبير، ما الذي ينبغي أن ننبه إليه بعد كل هذا؟
أسئلة أقل ما يقال عنها، إنها مُحرِجة ليس فقط بالنسبة إلى المسؤولين القائمين على القطاعات المختلفة، بل لكل المُدّعين أن لديهم دورا في رسم السياسات العامة، وأنهم يَنظرون بعين الرضا إلى أدائها اليوم. ذلك أن أي حديث عن حسن الأداء لن يكون سوى تضييع لمزيد من الوقت والقدرات، وعلينا إذ كان ولا بد لنا من القيام بفعل إيجابي ما في هذا الشأن، أن نعتبر مثل هذا الاعتراف الذاتي بالنقائص كنافذة للمستقبل يُمكن من خلالها زرع بعض الأمل، ذلك أن أول ما يبدأ الإصلاح يبدأ بالاعتراف بالخطإ، لينتقل إلى تصحيحه من خلال تقديم البديل الأفضل الذي يُمكن أن يصنع الفارق كما فعلت الكثير من الدول.
لقد كان من أوليات الصين وتركيا وماليزيا على سبيل المثال البدء بسد ثغرات الفساد قبل أي عمل آخر، وعلينا أن نفعل برغم ما في ذلك من صعوبات تصل أحيانا إلى حد التفكير في استحالة التصحيح خاصة عندما يكون الداء قد انتقل إلى الجوانب غير المادية وأعاد تشكيل العقلية الفاسدة والسلوك الفاسد وما تبع ذلك من فساد في القيم والأخلاق وأدى إلى قلب كل الموازين المعيارية في المجتمع.
ولعل هذا ما نبهني إليه صديقي كما أشرت في عمود الجمعة الماضي، أن عمق المشكلات في الجزائر زاد عن حده إلى درجة أن أضر بأحد أهم القيم الرابطة بين أفراد المجتمع “المحبة” بين الجزائريين، حتى أصبح من الاستحالة بمكان القيام بأي إصلاح دون علاج ما أصبح متفشيا بين الناس من كراهية… التي من أحد أسبابها، هذا التسيير السيئ، وهذه الأخطاء بالجملة التي ترتكبها مؤسساتنا المختلفة…
هل نتمكن من تصحيح الخلل؟ ذلك ما نأمل وعلينا أن نعمل لأجل تحقيقه، اليوم قبل الغد…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • مولود

    بعد مدة من التردّد على العائلة المُسلمة سرقت المغربية حصالة صديقتها التركية فوقع ذلك على التركية الصغيرة وقعا مؤلما وأثّر في حالتها النفسية تأثيرا شديدا لا لفقدها المال بل لضياع صداقتها و لاكتشافها الخيانة واللؤم والنّفاق. خلاصة القول يا سادتي هو أن إخواننا المغاربة لا يليق لهم حاكم آخر غير موحه 6 وأزولاي أما إردوغان فهو ابن الشعب التركي والفاهم يفهم.

  • مولود

    كان الرجل متديّنا طيّبا و يأخذ على عمله أجرا زهيدا. كنت حين أقصده أجلس معه بعض الوقت نتبادل الحديث على هموم الحياة و أحوال المسلمين. ذات يوما أخبرني بألم وحسرة عمّا حدث لبنته المراهقة. تَعرّفتْ في مدرستها على زميلة فرنسية من أصول مغربية فأحبتها وتعلّقت بها لأنّها مسلمة مثلها فقدّمتها لوالديها بسرور وجعلت تدعوها إلى المنزل حتى صارت كأنها من بنات الأسرة. كانت تلك الفتاة المسلمة التركية بريئة نقية السريرة، لا تخفي على صاحبتها "المُسيلمة" سرّا، و أعلمتها يوما أن لها حصّالة مال دأبت منذ صباها على وضع كل نقد يُعطَى لها بداخلها و أرتها المُسلمةُ الساذجة كنزها الصغير.

  • رشيد - أمريكا

    إن كل قوانين التسيير و المراقبة لا تفي وحدها بالمقصود في اجتثات منابع الفساد. فقد أرشد أستاذنا الفاضل إلى أهمية الأخلاق. فبالرغم الأمكانية الهائلة المتوفرة مثلا بأمريكا و علوم التسيير و المراقبة فقام الكنقرس بنفسه في إلزام كل شركات الدولة لأدخال قانون الأخلاق Ethical Corporate Policies و قد كان لقانون الأخلاق دورا كبيرا في حد من ظاهرة الفساد. وهذه قائمة أكبر المؤسسات الأ مريكية التي أدخلت قانون الأخلاق
    Good Business: Companies With Ethical Corporate Policies
    • Intel. Patagonia. ...• SAS Institute. ...• NuStar Energy. ...• Ultimate Software. ...•

  • ابن الجزائر

    تابع هدا الدعم الدي أنشئ من أجل لهف المال العام بطرق قانونية وأنشؤا أمة تتصف با :التفنين والأتكال ( يملك ما يملك وينتظر السكن من الدولة) ،الطمع (له دخل وينتظر قفة رمضا والدعم المدرسي ويقول درت فيها "أفير")،غياب كل قيم الكرامة والأخلاق ( المهم نتحصل على ما نريد بأية طريقة وأية وسيلة) ,السؤال الجوهري من صنع هدا الأنسان ؟لا أظن الحياة المادية ونحن نعرف في السبعينيات الخل الفردي الا أن قيم التظامن والتعايش والدفاع عن المال العام السمة الظاهرة بعكس اتليوم نسمع ونرى ( واش دخلك ما باباك الجزائر ملك جدك ،بعدي والطفان ...)حتى أيكتنا بيعت بالدينار الرمزي ولا يتكلم الا في : الجنة والنار ،ولي الأمر

  • ابن الجزائر

    عظم الله أجرنا يا دكتور الشعب الجزائري مات وانتهى ؟ قبل السبعينيات كي كانوا رجالا ممن مازالوا يحملون في أنفسهم الأنتماء الحضاري والتاريخي بدؤا الأستثمار في : الأنسان (الثورة الثقافية وارسال ابناء الجزائر للتعلم في الخارج) ،الصناعة ( الثورة الصناعية التي تعمل على رفع الفرد للأسمى) ،الفلاحة ( الثورة الزراعية غداء الكرش ) هده المبادئ وهده القيم أجهضت بعدة حجج واعتبارات وخاصة من الأنتهازيين الدين تركتهم لنا فرنسا ولا يزالون يدافعون عن مصالحها الى اليوم ،وجاؤنا بمبادئ وقيم أخرى :من أجل حياة أفضل( كأن الجزائري كان في حياة أسوأ وتشغيل الشباب ،وقفة رمضان ،ولا نساج،) وأطلق عليها الدعم الأجتماعي

  • م/ ب اْولاد براهيم

    يا أْستاذ شئ جميل لما يكون النقذ الاجابي ذاتي وداخلي؛ ومن هيئةرقابية عمومية مختصة.حتى ولوكان النقد؛ والتشريح لايفيدان في شئ.! لان السكوت على الحق جريمة؛وشيطا ن أْخرص.؟ والاجمل هو لما يعمم؛ وينشر. على نطاق واسع دون قص أْو مراقبة.قد يقول قائل؛ وماالفائدة؟ الفائدة إذالم تكن عاجلة فهي آجلة - تعزيز دور المراقبة اليومية أْو الدورية؛ والكشف في الحين.حتى نقول؛وفي الحين أْيضا للمحسن. أْحسنت؛ والمسئ.أْسئت. وهو نوع من المكافأْة؛ والعقاب!! ومثل نشر هذه القارير التشخيصية للوضعية ما! هوفي حد ذاته جزء من الحلول؛ ولو بنظور بعيد.! يؤدي الى تحريك دور مثل هذه المؤسسات الرقابيةالميدانية المباشرة.وبالتالي القضاء

  • طالب علم

    عندما تغيب المراقبة الداخلية او الذاتية في كل فرد من أفراد المجتمع فضلا عن المسؤولين ومن حملوا امانات الرعية من أجل رعايتها وحمايتها فيستحيل أن تكون هناك انطلاقة صحيحة وهذا كله مرده الى أنعدام الوازع الديني والخوف من الله القهار المنتقم. بذون هذا لن يردعهم شيئ وبذليل اكبر ترسانة قانونية في العالم لم تطبق واصبحت لا تخليف احد...

  • الطيب

    سوء التسيير سببه أننا فقدنا الإنسان ...و التصحيح و الإصلاح لن يتأتى إلا بإيجاد الإنسان ......و إيجاد الإنسان هي معضلتنا الكبرى !! الجزائر بلد غني فيه كل شيء و لكن خلله الوحيد الذي أقعده هو غياب الإنسان ....في المقابل بلدان أخرى ليس لها حتى ربع امكانياتنا و لكن إرادة الإنسان فيها حولتها إلى بلدان متطورة ..لها كلمتها ..و يحسب لها ألف حساب...

  • Farid

    كلنا نأمل ذلك ونحن صابرون عسى أن يصبح الحلم واقعا و الصابر ينال كما يقال.